المسيرة المهزلة !
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( ارحل ابن كيران )
مُخطئ من كان يظن أنه بتنظيم أو تشجيع أو تغطية أو “غض الطرف” عن تظاهرة الدار البيضاء “المنكرة” سوف يفرض نفسه أو رأيه أو إرادته على الشعب، لأن الشعب “فهم اللعبة” وقطع مع “هُـواة” الاستفزاز والتحكم والظلم والحكرة، و”فجر” الجُحر الذي كان يلدغ منه ألف مرة ومرة، ورفض “البردعة” التي كانوا “يركّبونها” على ظهره بطريقة محكمة !!!!….
مخطئ ألف مرة، من كان يعتقد لحظة أن “الحيلة” ستنطلي على الشعب، وأن الشعب سوف “يستهلك” “كل” ما سوف يقدم له من “تبريرات” بشأن تلك التظاهرة المهزلة، التي يعود أمرها إلى زمان قطع معه الشعب وإلى الأبد، لأن الشعب “عاق وفاق” ، واكتسب من التجارب ما يكفيه، بعد أن “تهرست فوق رأسه المطارق”، أيام “القياصرة” الذين تعرفون !…
المضحك المبكي في هذه النازلة أن لا أحد توفر على الشجاعة الكافية لـ “يتبنى” مسيرة المتحكمين، من أي جهة كانوا ولأي “مذهبية” سياسية ينتسبون. الثابت، في ما رواه المتتبعون أن المنظمين والمشرفين على التنفيذ كانوا يتوفرون على خطة لا يمكن إلى أن توصف بـ “الصبيانية” لأنها تفتقد إلى “النضج” السياسي المطلوب توفره في كل حركة سياسية وضعت لها أهداف واضحة ووسائل تنفيذ مناسبة؟
ما توفر من معلومات يفيد أن “مسؤولين سياسيين و”ترابيين” حشروا ما تصادف من أشخاص بسطاء، في شاحنات معدة سابقا، من أجل “شحنهم” إلى الدار البيضاء للمشاركة في “مسيرة” لا يعلمون الغاية منها . فهي ضد الإرهاب تارة، وللإحتجاج ضد احتجاز مغربية في السعودية، تارة أخرى ومن أجل التنديد بظروف المعيشة “القاسية” ، بعد أن سلموا مناشير ولافتات وصور بعض الناس، وتوصلوا بمقابل الفطور والغذاء، ليعرضوا البضاعة التي سلمت لهم، في شوارع البيضاء !!!…
الإعلاميون الذين استجوبوا عددا من المشاركين في “مسيرة العار”، كانوا أول من تفاجأ بخطورة “اللعبة” فالناس كانوا يرفعون شعارات من دون وعي بخطورتها من قبيل “لا لأخونة الدولة وأسلمة المجتمع” وأيضا يحملون صور أشخاص لاشك أنهم لا يعرفون أسماءهم ولا صفاتهم السياسية أوالرسمية، ما يمكن أن يكيف على أنه غيبة وقذف يعاقب عليهما جنائيا. ومن الشعارات التي سلمت لــ “المتظاهرين” ما يمكن أن يشكل منكرا وإضلالا للناس وإرجافا ، ودعوة صريحة إلى القتل وإلى السيبة والفتنة، وما قد يترتب على كل ذلك من عواقب تضر باستقرار البلد الذي صار اليوم رصيده الأعلى و الأغلى !.
الشعارات التي رفعت خلال المسيرة والتي خرجت كلها من نفس المحبرة، تبرز للألباء بالجهة أو الجهات التي تقف وراءها، وإلى حد بعيد، تفاهة أصحابها وسخافة من سهل إقامتها وتنظيمها، ووفر حمايتها !!!!….
“المتظاهرون” أو المرجفون الذين حركوهم، رفعوا شعار ”ارحل” في وجه بنكيران، لحماية الدولة من “الأسلمة والأخونة” ، وهم يعلمون بنكيران لا يمكن أن يرحل هكذا بمجرد شعار يرفعه تافه بليد غير متزن، إنه لن يرحل إلا بسلطان…..أو لسنا في دولة الحق والقانون والمؤسسات ؟ !….
يبقى الغريب أن الداخلية التي تبرأت على لسان وزيرها “السيادي” من أن تكون وراء “المبادرة”، “سمحت” بتحرك الآلف من المواطنين من جهات مختلفة من البلاد، ليشاركوا في مظاهرة في العاصمة الاقتصادية، ضد رئيس الحكومة وأمين عام الحزب الحاكم، دون أن تشترط، كما هي عادتها “الحميدة” الترخيص المسبق، المتضمن لخطوط السير، ولسجل لكافة الشعارات التي سترفع خلال التظاهرة، إلى غير ذلك من الإجراءات “الإدارية” المعمول بها والتي تتسبب عادة في كسر عظام المعرضين عنها. أو ليس الأطباء والممرضون والأساتذة الطلبة والمكفوفون بأحق من العابثين في “مسيرة الخزي” بالبيضاء، من شفقة ورحمة الداخلية وعساكرها الذين يتصرفون مع هؤلاء بمنتهى القسوة ؟ بينما تكون “أم الوزارات” قد أعملت مبدأ “الملاءمة” والرفق بالنسبة لمتظاهرين غزوا شوارع البيضاء يحملون شعارات تدخل في صميم تصريحات سياسية حزبية ألفناها خلال السنوات الأخيرة والتي يبدو أن بعض الأحزاب جعلت منها عقيدتها السياسية الراسخة.
“مسيرة الاسترزاق” بالبيضاء دفعت المتتبعين لما طرأ على الساحة الوطنية من “اضطرابات” خلال الفترة الأخيرة، إلى وضع سؤال التنسيق المفروض بين مكونات الحكومة، خاصة حين “انتفض” وزير العدل ضد زميله في الداخلية بما يفيد أنه لا يستشار في قضايا الانتخابات التشريعية وهو أحد طرفي التنظيم الانتخابي، ليرد عليه حصاد بأن الأمر “سوء تفاهم” لا يفسد للود قضية !..
المثير في هذا الموضوع هو أن مظاهرة الدار البيضاء ، أكسبت بنكيران وحكومته عطف العديد ممن كانوا يقفون على مسافة بعيدة من حزبه وحكومته ولربما أضافت إلى أصوات مناضلي حزبه أصواتا عديدة لمن استنكروا الإهانة التي أصابته جراء أسلوب “القمع” الذي مورس ضده، بينما الأسلم هو أن تواجه الأفكار بالأفكار، وتقرع الحجة بالحجة، وفي هذه الباب، الكثير مما تؤاخذ به حكومة بنكيران وحزب العدالة والتنمية.