” أبو لهب” على عرشِ القــوّة… وماذا بعــد…؟
جريدة طنجة – محمد أديب السلاوي ( “ترامب رئيس امريكا” )
أول أمس الأربعاء (9 نوفمبر 2016) سادت العالم حالة من الإحباط والحزن، وسيطرت على زعمائه حالة من الذهول والترقب، بعد أن وصلَ ترامب إلى البيتِ الأبيض، ليتراس اكبر دولة تتحكم في مصير العالم بقوتها، وهو ما اعتبَره العديد من الخبراء والزُعَمـاء والفـاعليـن السيـاسيين في أنحـاء عديدة من المعمـور، ضربـة مـوجعـة للديمقراطية وحُقـوق الإنسـان وللعَقـلانية السيـاسية في الزمن الراهن.
وسبب هذا الإحبــاط والحزن والذهول، هو ما حمله خطابه الانتخابي من أقوال ووعود وتهديدات، اعتبرها العديد من المتابعين والنقاد والسياسيين داخل أمريكا وخارجها، حماقات وأوهام،لا يمكن للعقل السليم قبولها. ولا يمكنها أن تؤدي إلى نجاح صاحبها وفوزه، بمفاتيح بيت أقوى دولة في العالم، هكذا استغرب الكثيرون لوصول ترامب / “أبو لهب”، إلى البيت الأبيض، بعدما كانت التنبؤات والاستطلاعات وتحليلات الخبراء، إلى جانب هيلاري / حاملة الحطب، وبعضها أعطاها فوزا محققا قبل بداية التصويت.
في أمريكا وفي أنحــاء مختلفة من العالم، طرح فوز ترامب تساؤلات كبيرة عن كيفية فهم هذا الفوز، هل هو يستجيب للشرخ الكبير الموجود الآن داخل المجتمع الأمريكي، بين تيار الأصولية وتيار الحداثة…أم يستجيب لإرادة الرأسمالية المتوحشة بالولايات المتحدة الأمريكية…؟ أم إلى الشعور العنصري الدفين في المجتمع الأمريكي الأصولي، الذي يهاب نهاية عصر أمريكا البيضاء / أمريكا البروتستانت / الانجلوسوكسون ؟.
في حقيقة الأمر، إن فوز ” أبي لهب” بكرسي البيت الأبيض، لا يتعارض مع الواقع الأمريكي، حتى وإن جاء هذا الفوز على حساب الديمقراطية وحقوق الإنسان، ذلك لأن المؤسسة السياسية في بلد العم سام، كانت ولا تزال عنصرية متطرفة، في خدمة الأقوياء، وهو ما جعلها دائما وباستمرار مؤسسة خارج التوازنات / خارج منطق الدستور..وخارج اللعبة السياسية المتوازنة…
“أبو لهب” وهذا هو الاسم الذي أطلقه عليه العرب، حمل خطابه الانتخابي، إشارات عديدة وصريحة عن عنصريته وتطرفه وجهله للقيم الدستورية والإنسانية، إنه خطاب يهاب العربي والمسلم، و يرفض المهاجر، ويربط هذه الشريحة بالإرهاب، ويرى في المواطن الأمريكي الأسود مجرد عبد، لا علاقة له بالسيادة، ويعتبر وصوله إلى البيت الأبيض غلطة تاريخية، يجب أن لا تتكرر في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
من هنا، أصبح العديد من خبراء السياسة العالمية يروا في نجاح “أبو لهب” ووصوله إلى البيت الأبيض، إشارة قوية، لليمين المتطرف في جهات عديدة من العالم، للوصول إلى السلطة.
الأمر أصبح لا يتطلب سوى دعوات متطرفة وموجات نوبيا المهاجرين في العالم المتمدن والراقي، وإثارة الأحاسيس العنصرية ضد الإسلام والمسلمين، واستعمال عناصر الهوية في الخطابات السياسية بهذا العالم، والصمت عن مفاهيم وقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وكل ما يتعلق بتحقيق الأهداف الإنسانية السامية.
نعم، إن العالم اليوم، تسوده موجة عارمة من التطرف، تمتد من الشرق العربي والخليج العربي إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، ومن الهند إلى السند. ولربما يكون وصول “أبو لهب” ترامب، إلى البيت الأبيض المفاجئ، ليس فقط وضوح وجرأة خطابه، ولكن أيضا تطرفه القوي، الذي هو انعكاس طبيعي للتطرف الأسود، الذي يسود عالم اليوم.
إن معركة” أبي لهب” الانتخابية، لم تكن حول الأمور الاقتصادية، أو حول المسائل الاجتماعية، بقدر ما كانت حول كراهية المهاجرين أفارقة وغيرهم، وكراهية المسلمين وطوائفهم، وكراهية السود وأصولهم وثقافتهم، فالأمر كان أشبه بانقلاب ضد الدستور الأمريكي، الذي تمت صياغته قبل 230 سنة، ليكون أحسن دستور في العالم.
والأسئلة التي يطرحها العالم اليوم حول فوز “أبي لهب”عديدة وكثيرة ومتنوعة : هل يستطيع تحقيق أحلامه المتطرفة…؟ هل يستطيع القضاء على المهاجرين في أمريكا وترحيلهم…؟ هل يستطيع إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية…؟ هل يستطيع القضاء على الإسلام والمسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية…؟ هل يستطيع تمزيق اتفاق أمريكا مع إيران…؟ وهل يستطيع بناء جدار على الحود المكسيكية…؟ وهل يستطيع القضاء على أمل فلسطين، لتصبح دولة حرة مستقلة…؟
والسؤال الأقوى : ما الذي يمكن أن يفعله “أبو لهب” بالعالم العربي / الإسلامي، أكثر مما هو واقع به الآن…؟
عندما خرجت المظاهرات المنددة بوصول ترامب إلى البيت الأبيض مباشرة بعد إعلان فوزه الانتخابي،كان السؤال المطروح على واجهة الإعلام الأمريكي.: إلى أي حد يلتقي ترامب مع الدستور الأمريكي…؟ ان خطابه السياسي بشهادة كل الخبراء المختصين، خطاب وهمي / خيالي / معتوه، أبعد ما يكون عن أحكام الدستور، وهو ما يعني أن “أبو لهب” البعيد عن الخبرة السياسية، يجهل أوفاق دستور بلاده الذي لا يفرق بين مسلم ويهودي ونصراني ومجوسي. والذي يعتبر الإنسانية سواسية في الحقوق والواجبات على الأرض الأمريكية.
لربما تكون هذه الحقيقة، هي التي دفعت المفكر الأمريكي نعوم تسومسكي إلى القول ، أن ترامب جاء حصيلة مجتمع متداع وماض بقوة نحو الانهيار، وهي التي دفعت بآلاف الأمريكيين إلى النزول إلى الشوارع الأمريكية، للتعبير عن رفضها لنتائج الانتخابات التي جاءت برجل معتوه / خرافي، قد يقود العالم إلى مأساة لا تحمد عقباها.
أفلا تنظرون…؟ .