إفريقيا والحكومة
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( الخطاب الملكي والحكومة)
وجـاءَت الشركات المتعدّدة الجنسيــات لتسْحقَ المواطن الإفريقي صاحب الأرض، وتنهب خيراته، وتستعبده وأبناءه في خط طويل من سلاسل الإذلال والاستعباد… وباع بعضهم أنفسهم للشيطان فساعدوا على إذلال مواطنيهم… ولكن دوام الحال من المحال… ولابد لليل أن ينجلي… بدأت الصحوة تنتاب القارة السوداء… وتجند رجال خلدهم التاريخ، فمنهم من سحقتهم آلة الغدر فسقوا بدمائهم تربة بكرا، ومنهم من قاد ثورة التحرير إلى مشارف الحرية. فمن لا يتذكر باتريس لومومبا شهيد الحرية، ومن لا يتذكر قوامي نكروما والشاعر الرئيس سيدار سنغور وأحمد سكوتوري وغيرهم…
من هنا جاءت رمزية الخطاب من العمق ومن أرض سنغور لتربط بلحمة متينة لا تزول بين شمال إفريقيا ودول جنوب الصحراء في العمق الإفريقي ولتؤكد مرة أخرى أن المغرب جزء من قارته وأن خطاب الوحدة يكون أكثر دلالة وهو ينطلق من دكار وكأنه من الرباط. فالوشائج واحدة، والعمق واحد، والأهداف واحدة، والأمن ومحاربة الإرهاب قضية مشتركة واهتمام مشترك… إلا أن ما أثار المواطن المغربي حقا… وما جعل الجميع يعيش صدق اللحظة، ونشوة الحقيقة ما جاء في الخطاب الملكي بصدد الحكومة الجديدة، التي يبدو أن لعابا كثيرا سال حولها، وأن أنيابا وأظافر شخذت للقضم… وهي فعلا كعكة لا يريد أحد أن يحرم لذتها، كيف بحزب تتوصل قيادته بأكثر من 200 طلب توزير؟.. وكيف بشروط ت طُرح أين منها شروط إكس ليبان؟ وكيف لرئيس حزب جديد يشترط أن يكون شريكا كاملا في عملية انتقاء الوزراء مع أنه كباقي مكونات الطيف الحزبي المراد بالاستشارة، ولتكن الحكومة ما كانت ومهما كانت، فالأحداث تمر ثقالا، سواء هم الأمر بلادنا أو بلاد ما وراء الصحراء أو البحر، لذا لا ي رُاد بها حكومة تصريف أعمال!
ولا حكومة تتمة ما فـاتَ أو ما شُرع في تنفيذه، ولا حكومة تصريحات وسفريات تشد الرحال دائما إلى غرب الكرة، ولا أبهات ولا امتيازات ولا تعويضات تنوء بها الخزينة المريضة أصلا، ولا ركوع لوصايا أو استجداء لصدقات. لقد بدأ الملك من المنبع ليوحد الصف الإفريقي وينقيه من الشوائب الانفصالية والديماغوجية والغوغائية والرشاوية، ففي هذا المنبع يجب أن نسبح، أن نسير مع التيار، وأن نجدف بعيدا عن المغول والتتار وإرهاب الرايات السود المشبعة بالشؤم والتشاؤم ورائحة الدم.
وقد نريدها إذن حكومة صارمة، حازمة، لا حكومة ترضيات وإرضاءات، وتشكرات… لا مجال للتسامح والتغاظي ولفلفة الحزن الذي يغلف المواطن وي سُقطه في براثن اليأس. فكم صبر هذا المواطن وكم تحمل؟ وكم انسحق وصبر؟ وكم ارتجى من حكومات وأحزاب متتالية فحصد الريح… غاب الغائبون وعاد هو إلى ركنه البارد وجداره الشاحب، وأوانيه ليس لأحد أن يبرر فشله بعد هذا بهراطيق من خيال الزمن الرديء، ولا أن يعلق على هذا الفشل بكائنات فضائية غريبة أو بأسماء ما أتى الله بها من سلطان.
كما ليس للمعارضة أن تتمنطق بعرف المعارضة لأجل المعارضة، فالمصلحة العليا مصلحة الوطن والمواطن أولى بالاهتمام والاعتبار، وإلا فنحن لا نستحق هذا الانتماء لأشرف وأطهر وأبدع ما خلق الله من أرضه الواسعة. الفارغة التي لا تنطق بما سكن!…