رجاء احترموا ذكاء الشعب المغربي
جريدة طنجة – محمد العمراني ( ، تشكيل الحكومة ومـآلاتها .. )
شهر ونصف والمغرب تسيره حكومة تصريف الأعمال، فيما قادة الأحزاب التي اقتسمت ستة ملايين صوت من أصل 22 مليون هم في سن التصويت، لا يبدو أنها مستعجلة في إخراج التشكيلة الحكومية إلى الوجود، والشروع في الانكباب على الملفات المستعصية..
45 يوما كانت كافية لكشف طينة الأحزاب التي تدعي امتلاكها شرعية صناديق الاقتراع، كل حسب نتائجه…
السي بنكيران بحصوله على 124 مقعد، وعلى أقل من مليوني صوت، صار يتصرف وكأنه الحاكم بأمره، وعلى جميع الأحزاب أن تأتي إليه صاغرة، تطلب وده وعطفه، بدعوى أنه الشعب قال كلمته، وبوأ حزب العدالة صدارة الترتيب…
بنكيران صار يتصرف مثل أي قس من زمن محاكم التفتيش، يوزع صكوك الغفران على من ارتضاه حليفا، ويتوعد مخالفيه بالحساب العسير..
لنتأمل التناقض في الخطاب:
بالأمس كان يصر على انتخابات نزيهة، حتى يعرف كل حزب تمثيليته الحقيقية، وبالفعل فقد تم احترام نتائج صناديق الاقتراع، التي أفرزت تصدر حزب المصباح ب 125 مقعدا من أصل 395.
لكن الإرادة الشعبية لم تمنحه الأغلبية المطلقة، بل منحته أغلبية نسبية، ولسان حالها يقول لبنكيران: لا نريدك أن تستفرد بمقاليد الحكومة، إبحث عن حلفاء آخرين لتشكيل حكومتك..
و المنطق الديمقراطي يفرض على من لا يمتلك النصف زائد واحد، يكون مجبرا على إقناع من يملك صوتا واحدا. لكن سي بنكيران وبحكم عقليته التي لا تؤمن بتاتا بالديمقراطية، إلا عندما تكون في مصلحته، فإنه لا يعترف بحق هاته الأحزاب في اشتراط ما تراه يخدم مصالحها الحزبية، تماما كحزبه الذي ينطلق من قاعدة ضمان مصالحه أولا…
بنكيران و أصحابه ينطلقون من كون هاته الأحزاب مسلوبة الإرادة، وأنها متحكم فيها عن بعد، ولا يمكن لها أن تخطو خطوة واحدة دون أن تتلقى الإشارة، وأنها تنفذ ما يملى عليها…
طيب..
نرجوك يا سيد بنكيران أن تصدر قائمة محينة بالأحزاب التي تعتبرها مسلوبة الإرادة، ومتى تكون مالكة لزمام قرارها المستقل؟
نلتمس من جنابكم فقط أن تنشروا بيانا للناس تصنفون فيه الأحزاب ذات الإرادة المستقلة، والأخرى الخاضعة للدولة العميقة، والتي تنفذ أجندة التحكم..
فقط حتى يكون الجميع على بينة من أمره..
شباط الذي تتمسك به اليوم حليفا لا يمكن الاستغناء عليه، ولو كلفك فقدان رئاسة الحكومة، وتطلق عليه لقب الزعيم البطل، الحليف الذي لا يستحيل أن تتخلى عنه، هو شباط نفسه الذي كنت تناديه قبل 7 أكتوبر ب “هبيل فاس”، الذي عليه أن يبرر مصدر ثروته التي اكتسبها منذ توليه عمودية فاس..
هو نفسه شباط الذي طالب رئيس الحكومة بتوضيح علاقته مع الموساد، والنصرة و داعش..
هو شباط الذي أخرج الحمير في الرباط للاحتجاج على بنكيران..
لكن بقدرة قادر صار شباط البطل المغوار الذي أفشل “انقلابا أبيضا” على الشرعية، ولولا الموقف البطولي ل “هبيل فاس” لتم الانقلاب على بنكيران، ولتم فرض الأمر الواقع على الملك..
الله أكبر..
بالله عليكم هل احترموا ذكاء المغاربة قليلا..
شباط الذي صار اليوم مستعدا لتقديم نفسه قربانا من أجل نصرة الديمقراطية، كان يتهمه بنكيران بأن التحكم من فرضه رئيسا لحزب الاستقلال..
كيف لزعيم شككتم في مصدر ثروته، وتصفونه ب “الهبيل”، والمسخر من طرف التحكم لمحاربتكم، أن يتحول بين ليلة وضحاها إلى حليف لا يمكن التخلي عنه، وأن القضية ولّات فيها الكلْمة والمعقول..
بنكيران عْطا الكلْمة لشباط ما يمكنش يرجع فيها…
آ سي بنكيران راك عطيتي الكلمة ل 34 مليون مغربي و ما وفيتيش بها!…
آرا ندوزو لأخنوش دابا…
نرجعو الكاسيطة لسنة 2011..
بنكيران صرح بعظمة لسانه أنه التمس من الملك أن يستمر أخنوش على رأس وزارة الفلاحة، وأنه شخصيا طلب من صاحب محطات البنزين أفريقيا أن يقدم استقالته من الأحرار ليستمر معه في الحكومة، لأنه كفاءة لا يمكن التخلي عنها، وأنه راجل ومعقول..
وذلك ما كان…
طيب هاد الراجل الكفاءة المعقول ، لِّلي رغبْتي عليه الملك باش يبقى معاك، ولّى بقدرة قادر رجل مبتز، باغي يرد راسو رئيس حكومة فبلاصتك، وينفذ أجندة التحكم…
فقط لأنه تجرأ واشترط تصورا معينا للتحالف الحكومي..
ولا تستغربون غدا إذا ما تم الاتفاق مع بنكيران على تشكيلة الحكومة، سيصير أخنوش من عباد الله الصالحين، الذين يتشرف بنكيران بأن يكون إلى جانبه في الحكومة…
الخلاصة من كل هاته الحكاية، أن الأمر لا يتعلق لا بالكلمة، ولا بالدفاع عن الاختيار الديمقراطي، ولا باحترام إرادة الناخبين، بل يتعلق بخدمة مصالح حزبية وفئوية ضيقة…
أما الشعب فعليه أن يستعد خلال الخمس سنوات المقبلة للمزيد من التقشف، وتزيار السمطة، سواء كان الحليف شباط أو أخنوش…