دينامية الملك وتهافُت بنكيران

جريدة طنجة – محمد العمراني ( الملك و بن كيران ! ) 

بَدا واضحـًا أن المغرب يسير اليوم بسرعتين مختلفتين، إن لم نقل متناقضتين. الأولى دينامية يقودها الملك محمد السادس على جميع المستويات، داخليا وخارجيا، واضعا نُصبَ عينهِ المصلحة العُليـــا للوطن هدفـًا ومبتغى. والثانية نُكوصية، يقف وراءها بنكيران وجماعته، تتجه بالبلد نحو الاختنـــاق..

فالمُتـأمـل لما يعرفـه المغرب من تطَــوُرات، على الأقل منذ الانتخـابــات التشريعية الأخيرة، سيلاحظ أنه في الوقت الذي انصرف فيه الملك للنهوض بمسؤوليـاتـه الدستـــورية، بـــاعتباره حامي المصالح العليا للوطن، وضامــن استقراره ووحدته، انساَقت جماعة بنكيران وراء نزواتها، والبحث عن انتزاع أكبر قدر من المغانم، لإرضاء المتنفذين بها..

على المستوى الخارجي، لم تتوقف زيارات الملك للقارة الأفريقية، بل زادت وثيرتها منذ أكتوبر المنصرم، قادته للعديد من الدول لأول مرة، منها من كانت محسوبة ضمن المعسكر المعادي لقضية وحدتنا الترابية، توجها بانتصار تاريخي، عندما صادق الاتحاد الأفريقي بأغلبية كاسحة على عودة المغرب لأسرته المؤسسية..

زيارات الملك محمد السادس، المتعبة والشاقة، (جنوب السودان، طنزانيا، رواندا..) كشفت عن نجاعة الدبلوماسية الملكية، التي وضعت رؤية واضحة ومتماسكة حول الدور الذي يجب على المغرب أن يلعبه في القارة السمراء.

رؤية جمعت بين الدفاع عن وحدته الترابية وتقوية علاقاته الاقتصادية، جعلت من المغرب ثاني مستثمر بأفريقيا، من خلال توقيع المئات من الاتفاقيات الثنائية، همت مختلف القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية، من الفلاحة وتوفير الأمن الغذائي إلى البنيات التحتية…

وعلى الرغم من الانشغالات الملكية بقضية عودة المغرب للمنتظم الأفريقي، وما تطلبته من زيارات متعددة إلى البلدان الأفريقية، فإنه على المستوى الداخلي ظل الملك محمد السادس حريصا على إطلاق مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومتابعة الأوراش المفتوحة على أكثر من صعيد ( برامج التأهيل الحضري، المشاريع المهيكلة، الطاقات البديلة…)…

مقابل هاته الدينامية، من حق المغاربة أن يتساءلوا:
كيف تعاطت الهيئات السياسية مع التحديات التي يجابهها المغرب اليوم؟..
إن استقراء موضوعيا لمواقف بعض الأحزاب السياسية، وخاصة تلك التي تدعي توفرها على الشرعية الانتخابية، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أنها منشغلة فقط بتركيز نفوذها في مفاصل الدولة، ووضع يدها على مراكز القرار، والفوز بأكبر قدر من الغنيمة الحكومية..

وإلا كيف يمكن تفسير الأسلوب الذي يدبر به بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ورئيس الحكومة المعين والمكلف بتشكيلها مشاوراته مع الهيئات السياسية؟..

حزبه حصل على مليون 600 ألف صوت من أصل حوالي 24 مليون مواطن هم في سن التصويت، ومع ذلك يتصرف وكأنه حاصل على الأغلبية المطلقة، ويحذر من المساس بشرعية الانتخابية!..
هل لازلنا في حاجة للتأكيد على أن حزب العدالة والتنمية اليوم يريد أن يفرض سلطته وسطوته على الجميع، مستعد لفعل أي شيئ من أجل تركيع باقي الأحزاب، وتحويلهم إلى مجرد أرقام، وظيفتها إكمال أغلبيته العددية داخل مجلس النواب..

عن أي دفاع على المصلحة العليا للوطن يتحدث بنكيران؟..
كيف يسمح رئيس حكومة معين لنفسه بالاعتكاف في منزله، وعرقلة تشكيل الحكومة ما لم تخضع الأحزاب لنزواته، في عملية ابتزاز مكشوفة؟!..

حوالي خمسة أشهر مرت على تعيينه، و بنكيران مصر على تفصيل الحكومة على هواه، بما يخدم مصالحه ويرضي النافذين بجماعته أولا وأخيرا، حتى ولو تطلب الأمر تجميد مؤسسات البلد، وخنق الاقتصاد، وخلق بذور الاحتقان الاجتماعي، ووضع المتاريس أمام انطلاق المغرب بسرعته القصوى نحو أفريقيا!..
التطورات التي شهدها المغرب منذ السابع من أكتوبر، أظهرت بجلاء حقيقة بنكيران، الذي أكد بممارساته ومواقفه أنه مثل أي قرصان مغامر، مستعد لفعل أي شيء من أجل تحقيق طموحاته، والوصول إلى مبتغاه، ولو تطلب الأمر جعل الوطن رهينة…

لكن..
واهم جدا من يعتقد أن بنكيران وجماعته سينجحون في فرض مشروعهم ومخططهم على الشعب المغربي، لأن المغاربة أجمعوا على جعل المؤسسة الملكية ملاذهم، والحصن الضامن لأمنهم وحامي وحدتهم واستقرار وطنهم.

 

Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول اقرأ أكثر