على هامش الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش المجيد سنة 2017

جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( رسائل الخطاب الملكي ) 

• اللي فرّط يكرّط…
• السياسيون أصحاب دكاكين مفتوحة على الآتي من انتخابات وتمويلات.
• لم نسمع ولن نسمع أحد المتخاذلين فهم رأسه وقدم استقالته!….

خطاب العرش المخلد للذكرى الثامنة عشرة لتربع جلالة الملك محمد السادس على عرش أسلافه الميامين جاء مختلفا عن كل ما سبقه، رغم أن كل خطب جلالته كانت نبراساً يضيء الطريق، ويشع أملا في غد أفضل ينعم فيه الكل بهذه الطمأنينة.. وهذا السلام الذي أراده الله لهذه البلاد الآمنة المطمئنة…

الحسم والعزم والتصدي لكل محاولات زعزعة استقرار البلاد…
وكذا تفعيل إجراءات المتابعة و المحسابة فلا وقت للمهادنة… ولا وقت للتسويف ولامجال للإبطاء وترك الأمور على حالتها… سابقا… في مقال ماض كتبت أن الخيانة ليست هي إفشاء أسرار الدولة خلال الحرب فقط… ولكنها الإخلال بالمسؤولية.. والإضرار بمصالح الوطن والمواطنين… فالخائن من ائتمن على أمانة فأخلَّ بها… والرسول الأكرم صلى اللّه عليه وسلم قال: «آية المنافق ثلاث إذا حدّثَ كذب، وإذا وعَد أخلف، وإذا ائتمن خان»…

فكل الذين كلفوا أقول كلفوا، لا شرّفوا…فالمسؤولية تكليف وليست تشريفا ، وبقدر ما يتحمل المسؤول مسؤولية يكون بحق ابن الوطن البار.. أقول، كل الذين كلفوا ثم زاغوا وأهملوا خونة يستحقون النبذ إلى مزبلة التاريخ…

ولو نفذ مبدأ المحاسبة منذ بدأ سوس الطمع والجشع ينخر أجساد الضمائر الميتة لما جرفنا وراءنا جبال جليد قاسية رعناء… ولما عشنا طبقات تتفاوت في الرزق والكسب، رغم أن اللّه فضل بعضنا على بعض في الرزق، ولكنه لم يأمرنا بأن نسرق بعضنا… نلتهم بعضنا… ونخلق مجتمعات مخملية وأخرى مزبلية…

جلالة الملك في خطاب العرش وضع مبضع الجراح على مكمن الجرح… واستوعب كل الثغرات والمثبطات بنظره الثاقب، وأخرج الفئران من جحورها وهي التي كانت دائما تهرب وتلوذ بفيء وظلال القصر الملكي لتغطي جبنها وقصورها وعجزها… جروا وراء المناصب و الامتيازات فأعياهم الجري، ولكن النفس الأمارة بالسوء والعين التي لا يملؤُهــا سوى التراب والكرش البارزة التي تقول هل من مزيد لم تشبع بعد ولم ترتو ولم ترتدع!…فأي ضمير يتحرك في نفوس هامدة سكنها الشيطان؟!… وأي مجد أو تقدم يحققه للبلاد هؤلاء القراصنة؟ الغريب أننا لم نسمع ولن نسمع أحد المتخاذلين المتحذلقين فهم رأسه ـ وقدم استقالته من مسؤولية هو غير جدير بها في بلادنا لا يستقيل الوزراء ولا المدارء ولا المناديب ولا رؤوس القوم بل يعفوا من مهامهم إعفاء هو كالطرد… ليس لدى الكثيرين منهم ذرة خجل أو حياء أو نبض ضميري يتحرك… هنا تأتي المحاسبة لتضع الموازين بالقسط… ولتلفظ النواة الفاسدة حتى لا يتلوث الجسد كله، وتتعفن النفس… وحينما نتحدث عن السياسيين وما هم في الحقيقة إلا أصحاب دكاكين مفتوحة على الآتي من انتخابات وتمويلات… أغلب هؤلاء يقتعدون مقاعد ممثلي الأمة ـ وقلت سابقاً أنهم لا يمثلون سوى أنفسهم ومصالحهم وإلا لما أنهالت عليهم الهدايا والإكراميات و الامتيازات، وكأنها جمعية خيرية، وكأن المال المسكوب عليهم من جيب من خولوهم إياه عن طريق الفريات المجانية، وأجهزة الهاتف النقال، وبطاقات الاشتراك المجانية، والإقامات المدفوعة الثمن…

ولازالت البقرة الحلوب تعطي من ضرعها حليبا رقراقاً سلسبيلا… وتلد ثم تلد… فهنيئا للنائمين الشاخرين في مجلسي النواب والمستشارين على الصدقات الجزيلة التي يتسلمونها رغدا ممن ائتمنوا على المال العام.

كل هذه المرمطة… وما يتداوله الشارع من صحيح القول وباطله… وما يتسرب من وشوشات المقاهي والدروب الخلفية دفعت الشباب والشريحة الأكبر إلى مقت السياسة والسياسيين.. وكراهية الدكاكين والمواسم الانتخابية والموائد وحفلات الشيخات، والألوان الزرقاء والحمراء والخضراء… وتداول النكت حول الذي صار والذي مضى… والكائن والآتي… طبعا لا يملك شرفاء الأمة عصا موسى لتغيير هذه القشور في زمن تكالب فيه الفساد والشر سنينا مترادفة… ولكن الحساب سيعجل باجتثاث رؤوس الفساد وقطع أذنابها… سيدفع الانتهازيين إلى التفكير ألف مرة قبل أن يقدموا على غناء موال الوعود الفارغة… وتبييض الأموال المكدسة واقتحام ركب الانتخابات، وركوب موجة الركض وراء المناصب… وقد فهم المغاربة من خطاب جلالة الملك بأن المحاسبة آتية لا ريب فيها….وبأن الذي فرطّ يكرطّ… وبأن الملك حفظه اللّه لن يتساهل مع من يضر بمصلحة الوطن والمواطنين الذين ضجوا بالشكوى من إدارة عديمة الجدوى… جامدة… تضر ولا تنفع. كيف لا وهي لم تستطع أن تحرر الملك العمومي من محتليه… فكيف بنا أن ننتظر ما هو أكبر وقد عودتنا الإدارة على الفشل فيما هو أصغر وأقل… ولنا عودة للموضوع، فخطاب جلالة الملك أكبر من أن تستوعبه صفحات أو يسعه مقال يتيم..

 

Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول اقرأ أكثر