المصباح أمام امتحان الحقيقة !!

جريدة طنجة – م.العمراني ( حزب المصباح تحت المجهر والامتحان ..) 

منذ أسابيـع و الأنظـار موجهة إلى ما يجري داخل حزب العدالة والتنمية، الذي يستعد لعقد مؤتمره الوطني، غضون شهر دجنبر المقبل، في ظل تقاطب حاد بين تياري بنكيران والعثماني، بات معه الحزب مُهَدَّد بشَرخ عميق قد يعصف بـوَحدتهِ، حتى أن بعض عقلاء وحكماء الحزب اعتبروا خروج الحزب بعد المؤتمر موحد الصفوف هو إنجاز في حد ذاته…

قد نتفق أو نختلف مع مُنطَلَــقات و توجُهـات الحزب، لكن هنــاك إجماع على أن هذا التنظيم السياسي حَضِيَ بثِقة فئـــات عريضة من الشعب المغربي، خـــاصة عقب حراك 20 فبراير، ومنحته صنـاديــق الاقتـــراع صدارة المشهد السياسي في ثلاث محطات متتالية ( 2011، 2015 و2016)، ما يعكس أن هناك تـوجُهــًا شعبيــًا يراهن على هذا الحزب لإنجاز الإصلاحات المطلـوبـــة، ويرى فيه القدرة على تفكيك منظومة الـريـــع التي تنخر الاقتصاد الوطني، ومواجهة الفساد، وتخليق الحياة العامة، وإرساء العدالة الاجتماعية …

ولا يخفى على أحد أن الآمال التي كـانـت تضَعهــا شرائح واسعة على هذا الحزب، مَردها إلى أنه كان الى حدود 2011 لا يزال يحتفظ بعذريته السياسية، ولم يتورط حينها في مستنقع تدبير الشأن العام، كما أن الخطاب الأخلاقي الذي اعتمده هذا التنظيم ساهم بشكل كبير في اكتساحه لصناديق الاقتراع.

وعلى هذا المستوى يشهد الجميع، الخصوم قبل الحلفاء، أن بنكيران تفنن في إتقان هذا الدور ببراعة لا تضاهى، حتى أنه تحول إلى ظاهرة سياسية غير مسبوقة في المشهد الحزبي، واكتسب شعبية كاسحة.

والدليل على ذلك هو أن حزب المصباح، في ظاهرة غير مسبوقة، تسيد النتائج في ثلاث محطات انتخابية متتالية، ليس استنادا إلى تقييم إيجابي من طرف الناخبين لنتائج تدبير الشأن المحلي، ولكن أساسا بسبب قوة الخطاب الذي استعمله الحزب، وخاصة بنكيران بدهاء رهيب، الذي استغل جيدا فساد النخب السياسية، وتورطها في ممارسات مشبوهة، واغتنائها اللا مشروع خلال فترة تحملها مسؤولية تدبير الشأن العام، ما جعلها منبوذة من طرف المغاربة. وحيث أن بنكيران أدرك جيدا أن المغاربة صارت لهم حساسية مفرطة مع الفساد ونهب المال العام، فإنه حول جميع خطبه إلى منصات لإمطار خصومه السياسيين بقنابل مدمرة، وهو التكتيك الذي أتى أكله..

لكن:
هل لا زالت صورة الحزب التي التصقت في مخيلة المغاربة، باعتباره قائدا لجبهة الإصلاح ومحاربة الفساد، والدفاع عن الطبقات الشعبية المسحوقة؟..

هل المغاربة لا زالوا يراهنون عليه لإنجاز الإصلاحات؟
وهل لا زال الحزب اليوم على قلب رجل واحد، متماسك ومنسجم كما كان الى حدود 7 أكتوبر 2016؟!!..
ما يعرفه الحزب من تطاحن يطرح الكثير من التساؤلات حول مدى صدقية الصورة التي كان يسوقها هذا التنظيم عن نفسه، وإلا كيف يمكن تفسير اتهامات التخوين التي يرفعها فريق بنكيران ضد فريق العثماني؟، وكيف انقسم الحزب فجأة بين تيار الاستوزار وتيار الإرادة الشعبية، وهو الذي كان يرفع شعار الحزب هو الحكومة وإنجازات الحكومة هي إنجازات الحزب؟..

ما الذي تغير حتى أصبح بنكيران، الذي كان يسوق نفسه زعيما زاهدا في المَنــاصب والمسؤوليات الى شخص مستعد لهدم المعبد على الجميع، فقط لأنه أُخـــرِج من رحاب المشور السعيد، و حرم من قيادة الحكومة لولاية ثانية؟..

كيفكان مناضلو الحزب يضعون طينة من القادة، قبيل أشهر، في خانة الصديقين والحكماء (العثماني ،الرميد، يتيم..) أصبحوا اليوم مطاردين داخل الحزب بتُهَم الخيـانـة والخنــوع و الانبطــاح؟…
الشعب المغربي ليس مُهتمـــًا بمعرفة أي من الفسطاطين داخل الحزب يملك الحقيقة، من هو الظالم والمظلوم، من الصـابــر المحتسب ومن هو الانتهازي الغـاصب، من لازال قـابضــًا على الجمر ومن قبض ثمن الخيانة؟…

لن نُبــالغ إذا قلنا أن المغـاربة في حـالة صدمـة إزاء ما يجري داخل هذا الحزب الذي راهنـوا عليه كثيـرًا…

مما لا شك فيه أن هذا الحزب أمـامَ امتحــان قاس ومصيري، ومُخرَجـات مـــؤتمره المقبل ستكشف الطينة الحقيقية لقــادته ومناضليه، وفي هاته المحطة بالذات سيكتشف المغـــاربة الطينة الحقيقية لقادته، هل هم فعلا رجال أقـــوال وأفعال، أم أنهم يزايدون على الجميع بخطاب القيم والتقـــوى ويأتون بنقيض ما يدعون؟…
لقد دقَت ساعة الحقيقة، و إنــا غدًا لناظرِهِ قــريب… .

Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول اقرأ أكثر