في الحاجة الى زلزال سياسي
جريدة طنجة – محمد العمراني ( خطاب افتتاح دورة البرلمان.. )
بعد طول ترقب، وانتظار القرارات التي سيعلن عنها الملك محمد السادس عقب خطابه الصادم في ذكرى عيد العرش، جاء الخطاء الذي ألقاء رئيس الدولة بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، بمَثـابة الـرد الشــافي عن كل الذين تسـاءَلـوا و مـاذا بعد خطـاب العرش؟..
هناك إجماع اليوم على أن خطاب العرش أحدث هَـزَّة عنيفة داخل المشهد السياسي الوطني، وخلخلة مزلزلة في المنظومة الإدارية للدولة، إذ لم يسبق أن قدم ملك البلاد منذ توليه العرش مثل هذا التشخيص الصادم للوضعية الراهنة التي يعيشها المغرب..
الملك وجَّهَ قصفـًا عَنيفــًا للطَبَقة السيــاسية، ولمسـؤولي الإدارات والمؤسسات، ووقف على حجم التسيب والفساد وانعدام المسؤولية، مما أدى إلى ضياع مصالح المواطنين، وتأزيم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتأجيج الغضب الشعبي بعد أن فقدت المؤسسات الموكول إليها تدبير شؤون المواطنين مصداقيتها…
ولذلك فإن الأنظار كانت متوجهة لخطاب افتتاح البرلمان، وما إذا كان سيتضمن قرارات للتصدي للاختلالات التي رصدها الملك في خطاب ذكرى الجلوس على العرش..
وكذلك كان، فقد زاد الملك من منسوب انتقاده لتدهور الأوضاع، وصل مداه حد إقراراه بفشل النموذج الاقتصادي المغربي وضرورة البحث عن بديل آخر، كما بلغ غضب الملك منتهاه عندما أعلن بصريح العبارة عن عدم تساهله مع كل من تبث تورطه في التلاعب بمصالح المواطنين، معلنا بما يقتضيه الوضع من وضوح و مكاشفه ان الوقت قد حان لتسمية الامور بمسمياتها، حتى لو تطلب الامر إحداث زلزال سياسي.
الزلزال السياسي هي الجملة التي أربكت الجميع، لتنطلق التوقعات والتخمينات حول المقصود من هذا الزلزال، وهل له من ارتدادات، وما هو المدى الذي سيصل إليه؟…
هناك تطابق يصل حد التماهي بين التشخيص الذي قدمه ملك البلاد، و بين ما تشعر به الغالبية العظمي من أبناء الشعب، ولذلك فإن الوقت اليوم قد حان لاتخاذ القرارات..
لم يعد مقبولا، تحت أي مبرر كان، التلكؤ في تنزيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة..
لم يعد المواطن المغربي يستسيغ ظاهرة الإفلات من تقديم الحساب على السنوات التي تحمل فيها مسؤولية تدبير الشأن العام، خصوصا وأن الكثير من هؤلاء تحملوا المسؤولية وهم يعيشون على الكفاف، وغادروها بأرصدة ضخمة، ناهيك عن الأملاك و الأطيانǃ..
الوضع الخطير الذي انزلق اليه البلد، لم يعد يسمح بالكثير من الانتظار…
على كل:
الذين اغتنوا على حساب الوطن،
الذين تواطأوا على مصالح البلد،
الذين استغلوا مواقعهم لخدمة مصالحهم الخاصة والإضرار بمصالح الوطن،
الذين وظفوا نفوذهم لترهيب المواطنين وابتزازهم،
أن يقدموا الحساب وأن يضعوا أنفسهم رهن المساءلة…
ليس هناك من سبيل لإخراج البلد من عنق الزجاجة غير إعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، و”للي فرط يكرط”…
كفى احتقارا لذكاء المواطنين ودوسا على كرامتهم…
المغاربة مستعدون للتضحية و تزيار السمطة من أجل نهضة بلدهم، لكن شريطة أن يتم إعمال القانون على الجميع، فالكل يجب أن يكون سواسية في الحقوق والواجبات…
الملك عندما أعلن أنه لم يعد مقبولا الصمت عن الاختلالات، وأن وقت التغيير قد حان، ولو اقتضى الأمر إحداث زلزال سياسي، فإنه كان يعي جيدا ما يقول…
فالأوضاع لا تبشر بخير، واسترجاع ثقة المواطن ومصداقية المؤسسات، تستوجب فعلا زلزالا سياسيا يخسف بالفساد والمفسدين، مثلما تستلزم جعل القـانــون سيفـً>ا على رقاب الجميع، لا فضل على هذا وذاك إلا بمدى التقيد بالقانون ولا شيئ غير القانون….