أخيـرًا.. العقل ينتصر داخل حزب المصباح

جريدة طنجة – محمد.العمراني (“حزب المصباح”) 

فتوَجهَت أنظـارُ المُتتبّعينَ للشأنِ العــام ببلادنــا إلى متابعة مُخرَجـــات اجتمـــاع المجلس الوطني الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية، الذي كان مطالبا بالحسم في الولاية الثالثة لعبد الإله بنكيران.

وهذا الاهتمام يجد شرعيته من كون حزب المصباح هو أكبر حزب بالمغرب، و أقواهم تنظيما، ويلعب دورا محوريا في الحياة السياسية لبلادنا، على الأقل منذ تعيين بنكيران رئيسا للحكومة، عقب اكتساحه لانتخابات 25 نونبر2011، وما تلاها من فوز ساحق خلال انتخابات 2015 الجماعية و2016 التشريعية.
كما لا يجب إغفال حقيقة لا يمكن حجبها عن الأنظار، وهي أن بنكيران نجح في بسط هيمنته المطلقة على المشهد السياسي، وحتى داخل حزبه، بفضل ما يتمتع به من مؤهلات القيادة، وإتقانه لخطاب شعبوي، يلهب به حماسة جزء غير يسير من المغاربة، وبفضل بنكيران تمكن الحزب من كسب استحقاقات 2015 و2016…

مثلما لا يجب إغفال تداعيات إعفاء بنكيران من مهمة تشكيل حكومة 2016، بعد فشله في تكوين أغلبية حكومية، وتكليف سعد الدين العثماني بدله لقيادة الحكومة، وهو الإعفاء الذي أحث رجة داخل حزب المصباح، كما أن بنكيران أعلن ضمنيا رغبته في الاستمرار على رأس الحزب، في إشارة فهم منها أنه لن يستسلم أمام من يعتقد أنهم يرغبون في اختفائه من المشهد السياسي، والتواري إلى الظل..

ولذلك كان الجميع يترقب مآل المعركة الضارية التي اندلعت داخل حزب المصباح، والتي انقسم بسببها الإخوان إلى فسطاطين:

الأول مع الولاية الثالثة لبنكيران، وسندهم في ذلك أن بقاء الزعيم على رأس الحزب سيحافظ على قوته وتماسكه، وسيقي الحزب تداعيات قبوله قيادة حكومة، يعتقدون أنها تشكل إهانة للحزب.
الثاني رافض بالمطلق منح فرصة ثالثة لبنكيران، معززين أطروحتهم على أن الحزب حزب مؤسسات، ولا مجال لتحويله إلى تنظيم أشخاص، وفي حالة فسح المجال أمام ذلك، فإنه يعني أن التنظيم حاد عن أهم مبادئه، وبالتالي فهو مؤشر على انهيار قادم لا محالة..

ناهيك عن كون الثيار الثاني يعتبر تعبيد الطريق لبنكيران للظفر بالولاية الثانية، معناه وضع الحزب أمام مواجهة مفتوحة مع أكثر من جهة، بالنظر للمخاوف التي بات يجسدها بنكيران، بسبب نزوعاته الهيمنية، وميله إلى الاستفراد باتخاذ القرار، والتعريض بخصومه، وبالتالي فإن الحزب سيجد نفسه يواجه المجهول، وسيخسر من دون شك رهان الثقة التي حاول بناءها مع كل الأطراف داخل الدولة.
وهذا التخوف هو الذي دفع حركة الإصلاح والتوحيد إلى التموقع ضد بنكيران، وإعلان رفضها القاطع لما يسمى بالولاية الثالثة، لأنها تؤمن أن مشروع الحركة أكبر بكثير من الأشخاص، ولا يمكن السماح لأي كان بإفشال مخططها حتى ولو كان زعيما بشعبية كاسحة مثل بنكيران..

لقد أظهرت المرافعات القوية التي شهدها المجلس الوطني الاستثنائي، أن الحزب كان أمام معركة شرسة بين تيار مغامر يقوده مريدو بنكيران، والذين كان همهم الوحيد الانتصار للزعيم، والانتقام من كل الذين يعتبرونهم خونة، لأنهم قبلوا طي صفحة بنكيران وتشكيل الحكومة، وبين تيار عقلاء الحزب، الذين كان غرضهم الوحيد تجنيبه أبواب جهنم..

لكن ما صدم أكثر عقلاء وفضلاء الحزب، ليس مريدو وحواريو الزعيم، فقد كانت الحماسة هي محركهم، وكان الانتقام له هو دافعهم، وإن ما صدمهم هو بنكيران نفسه، الذي كشف أخيرا عن حقيقة نزوعاته التسلطية، وميله الشديد إلى التحكم احتكار موقع القرار، بل وتخطيطه لاختطاف الحزب، كل ذلك من اجل إرضاء نفسه التواقة إلى السلطة، والانتقام لنفسه من كل من يعتبره متورطا في خيانته، حتى لو لزم الأمر هدم المعبد على الجميع..

لكن لحسن حظ البلد، ولحسن حظ مناضلي هذا الحزب، انتصر العقلاء على المغامرين، وتمكنوا من أفشال مخطط بنكيران الذي كان يراهن على تنصيب نفسه مرشدا أعلى للحزب، حتى يضع الحكومة في جيبه رهينة لابتزاز من يهمه الأمر!…

 

Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول اقرأ أكثر