الدكتور فريد الزاهي من قلب الخبز الحافي بطنجة..
جريدة طنجة – لمياء السلاوي ( ” الكاتب الاقليمي” )
في إطار الإثنين الأدبي بمطعم “Au _ Pain Nu “بطنجة، إستضافت مكتبة الفاصلة بشراكة مع جمعية ثقافات المتوسط ومطعم الخبز الحافي، الباحث الإنثربولوجي و الكاتب و الناقد الدكتور فريد الزاهي، في لقاء مفتوح مع مثقفي و إعلاميي مدينة طنجة، من تأطير الباحث الشاب أشرف الحساني، لمناقشة تجربته الإبداعية و التي من خلالها بات فريد الزاهي أحد أهم الباحثين الأنثروبولوجيين العرب في وقتنا الراهن، و لتوقيع ترجمة “الصورة كما نراها وكما نتصورها..”. و هو كتاب للفيلسوفة التونسية، الدكتورة رشيدة التريكي و من ترجمة الدكتور فريد الزاهي، و هو كتاب مرجعي قيّم عن إشكالية الصورة في العالم العربي وعالم اليوم، كتاب يكرس انشغالا بحثيا للمؤلف بالحفر في قضايا تقع على تخوم فروع معرفية عديدة.
هو الباحث الأكاديمي والناقد الفني والمترجم مغربي، صدرت له باللغتين العربية والفرنسية العديد من المؤلفات والكتابات عن الفن العربي المعاصر، وعن الجسد والصورة والمتخيل في العالم العربي، كما ترجم للعديد من المفكرين والكتاب الفرنسيين والمغاربيين، و حازت كتبه وترجماته على العديد من الجوائز، حيث يعتبر أستاذنا أن الترجمة إخصاب للثقافة و أن كل الكتب التي ترجمها هي كتب حلم بكتابتها و لم يكتبها…
كما هو معلوم أن فريد الزاهي استوحى بعض ملامحه ومفاهيمه وخصائصه من المفكر المغربي عبد الكبير الخطيبي، حيث يتجلى ذلك من خلال كتبه الأولى، والتي تهدف أساسا الى الحفر والنبش في ثنائية الصورة والجسد في علاقتهما بالمتخيل والإسلام.
خلال هذا اللقاء الحميمي الثقافي بامتياز، تطرق فريد الزاهي للمفارقة الكبرى التي تعيشها المجتمعات العربية، والتي مازالت إلى اليوم تسائل الحداثة، في الوقت الذي ارتحلت فيه الثقافة الفرنسية والأمريكية واليابانية مع مفاهيم جديدة من قبيل ما بعد الحداثة، والمجتمعات المركبة والمجتمعات المستقبلية والمجتمعات التكنولوجية وغيرها، وانتقل الباحث المغربي للحديث عن مفهوم الحداثة عند العرب، الذي يراه “تبعية للفكر الغربي خصوصا عندما نتبنى المسار الثقافي والإجتماعي والسوسيولوجي الغربي، ما يجعلنا نعيش استعماراً من نوع جديد، وهذه ليست دعوة إلى الأصولية ولكنها دعوة إلى نقد العلاقة التطابقية والتماهي مع فكر يلزم أن يكون مصدرا لتطورنا الفكري لا محددا له، تماما كما وقع في اليابان في الشرق أو في أمريكا اللاتينية وغيرها”، ويتجلى ذلك، يضيف الزاهي، “في طريقة نقاشنا حول الحداثة التي ما زلنا فيها نجتر الطريقة التي بها طرحت مجموعة من القضايا منذ الخمسينيات، من عهد سلامة موسى أو حتى طه حسين، والحال أن هذا الإنجراف انتبه إليه ثلاثة مفكرين منذ مدة، هم عبد الله العروي، والخطيبي وإدوارد سعيد، لكن الإهتمام لم يول إليهم”.
واعتبر الزاهي أيضاً أنه “لا يمكن أن نسقط مفهوماً كالحداثة أو الديمقراطية على مجتمعات مثل مجتمعاتنا العربية، لأنها تفتقد لمفهوم كوني، لأن لكل مجتمع مفهومه الخاص به، وهو ما أشار له ميشيل فوكو ولم ينتبه له كثيرون، من كون مفهوم الحداثة مفهوم جهوي، لذلك فإنني أستطيع أن أجازف وأقول بأن مفهوم الحداثة اليوم في مأزق لم يعرفه أبدا في تاريخيه، أولا لإخفاق الإصلاحات السياسية والإجتماعية في المغرب والعالم العربي من الخمسينيات وإلى الآن، وأيضا لإخفاق ثورات الربيع العربي أو أغلبها، نظرا لإخراجها لغول الإسلام المتطرف من قمقمه، وكذا لتحجيم دور الأحزاب السياسية الوطنية التي لم يعد لها دور بعد انتقاله للنقابات”.
وعن النقد التشكيلي، قال الدكتور فريد زاهي إن اغلب ما يكتب جزافًا في النقد التشكيلي العربي يتخذ شكل الكتابة الصحفية التي تحابي أو تعادي أو كتابة نقدية ليس لها علاقة بتاريخ الجماليات، وهناك كتابات ناقدة تمارس فعلا موازيًا للعمل الفني بحيث تقرأ الكتابة دون العودة إلى اللوحة فتجد الكثير من يضيء العمل بما يمنحه قيمة أخرى.
ويختم فريد الزاهي حديثه بالقول: “لا يمكننا في الوقت الراهن أن نخلق معرفة مجتمعية إذا لم نشجع البحث العلمي (السوسيولوجي، السيكولوجي، الأنثروبولوجي)، لأننا مجتمع مركب هجين ومعقد والظواهر التي يعيشها هي ظواهر سارت تؤثر في العالم، كما يلزم كذلك أن نهتم أيضا على مستوى البحث بدراسة الخطاب السياسي والفكر السياسي، لأننا لا زلنا في هذا المجال لا نمارس تواصلا سياسيا بين القادة وبين الشعب وبين الشعب وبين القادة، كما يلزم اللإهتمام بعالم المعلومات الذي يؤثر فينا من غير أن نستطيع أن ندركه وعالم الصورة لأننا نعيشه، وهو الذي يخلق حياة وممارسات الأجيال الجديدة، ونحن نلاحظ أننا آخر جيل يهتم بالقراءة وبالنقاش، كما يجب علينا أن نخلق نقاشا سياسيا حقيقيا”.