‫فلسفة‬

جريدة طنجة – عزيـز كنوني ( قضية البكالوريا، والفلسفة، والتربية الإسلامية، وملف بوعشرين ) 

حَدَثـان اثنـان طَغَيَــا على أخبــار الأسبوع الماضي : قضية البكـالـوريـا، والفلسفة، والتربية الإسلامية، وملف بـوعشريـن.‬

‫أما الموضوع الأول، الذي أثـار جَدلاً واسعًا وعميقا في أوساط التعليم والرأي العام، فإنه، وبالرغم من التصريح “المطمئن” لـ الوزير “الناطق” ، فإن الموضوع لا زال يلفه بعض الغموض ، إن بسبب الطريقة التي تعاملت الحكومة بها معه، أو، لوجود نوع من “ضعف” الثقة الشعبية في الحكومة، منذ عقود، بسبب كثرة الوعود، وضعف الأداء، والاختلالات التي تشير إليها الصحافة الوطنية والتي أدانها جلالة الملك في خطبه الأخيرة.‬

‫خاصة، وأن موضوع مادة الفلسفة يحيلنا على ملف التعليم بالمغرب ككل، وهو ملف استنزف، دون طائل، الكثير من أموال الشعب الذي يشعر بأن أمله خـابَ في من وكل إليهم أمر تدبير ملف التعليم الذي ندد خطاب ملكي حديث بمستواه ونتائجه.‬

‫موضوع الفلسفة مــوضـوع ذو حَساسية خـاصـة لدى المثقفين بوجه خاص وهو مرتبط في ذهن النخبة بحدث الإجهاز على مادة الفلسفة، في وقت سابق، بالمغرب، لمواجهة الفكر النقدي المزعج، الذي يجعل من التلاميذ والطلبة، في نظر”هم”، مشاريع “معارضين” لـ “الوضع” القائم.‬

إن العودة إلى موضوع الفلسفة، في هذا الوقت بالذات، أمر يثير الكثير من “الهواجس” لدى جمهور التلاميذ والطلبة وأولياء أمورهم، والأساتذة والمربين ، ويضع مخططي سياسات التعليم والحكومة بوصف عام في موضع “اتهام” بمحاولة “تضبيع” الجيل الصاعد، ومصادرة حريته في التفكير والنقد والتحليل، وإعداد جيل جديد يفكر حسب الموروث “المقدس” والمقدس لا يحتمل التفكير والتحليل واستعمال العقل ‪!‬

والتاريخ يذكرنا بأن كل من حاول من الفلاسفة “المسلمين، استعمال العقل في النقل والنص، رمي بالزندقة والهرطقة والقبائح، والبدع، والانحلال، والضلال، والكفر والإلحاد، ووضع في حكم من يستباح دمه ويقتل شرعا. وقد قتل منهم نفر كثير، اشتركوا جميعهم في “محبة الحكمة”، وأبدعوا في علوم الكلام، والمنطق، والطبيعة، وما وراء الطبيعة، والميتافيزيقية، والفلك، والرياضيات، الهندسة، والطب، وطب العيون، والبصريات، والأخلاق، والموسيقى، والشعر، وعلوم المعرفة ، ونظرية النفس، والأدب، والجغرافيا، وفلسفة التاريخ ، والفلسفة العلمية، واللغة، وغيرها من العلوم العقلية، لينتهي التفكير عند ابن سينا إلى القول بـأن “الانسان يصل إلى السعادة عن طريق العقل والفكر”…..‪ !‬

وكان حريا بالوزير الأعرج ، من موقعه كـ “قائم مقام” أن يترك “التوقيع” لمن سيتحمل حقيبة التعليم ومسؤولية تبعات هذا القرار المزعج، شعبيا ووطنيا و”دوليا” بعد ما تسرب إلى المواقع، لتقتنصه، لا محالة، جهات لا تخفى عداءها للمغرب وتستغله فيما يعاكس مصالح المغرب ‪!‬ ….

ونصل إلى ملف بوعشرين، مدير نشر يومية “أخبار اليوم”، الواسعة الانتشار، الذي أثار خبر توقيفه الكثير من التعليقات وردود الفعل المثيرة، لنلاحظ، أولا، أن النيابة العامة من مهامها حفظ سلامة وأمن الوطن والمواطنين، ثانيا أن الصحافي ليس فوق القانون، ثالثا، أنه ما دام الملف بيد القضاء، فلا مجال للغوص فيه إلى صدور الحكم.

ومع ذلك، نلاحظ أن الطريقة التي تم بها اعتقال بوعشرين، والتي تم تداولها على صفحات الجرائد معززة بشهادة صحافيي مقر الجريدة، تثير بعض الاستغراب، في حين كانت دعوة للحضور إلى أحد مقرات الأمن “لغرض يهمك”، كافية لكي يمتثل الرجل. ثم إن بوعشرين ليس إرهابيا ولا هو “ألكابون” زمانه ‪ !!!‬…..

ومما تمَكّن مُلاحظته أن بوعشرين صاحب المواقف المشهورة في انتقاد الأوضاع السياسية والحزبية والإدارية، وصاحب العمود اليومي الذي يطلق فيه النار في كل الاتجاهات، ومن حقه ذاك، لأنه صحافي وليس “صندوق أحد”، لا يمكنه أن يجهل أن كتاباته “مزعجة” وأنه يوجد “تحت الأضواء الكاشفة”…. فكيف له، والحالة هذه، أن يجهل كل ذلك، ويمارس أفعالا خطيرة من تلك التي وردت في بلاغ النيابة العامة بالرباط، إلا أن يكون الرجل قد اختل “توازنه” واضطرب صوابه ‪!!!‬….

وهو ما سيظهر عبر وقائع المحاكمة التي ستنطلق مع بداية مارس الجاري..

Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول اقرأ أكثر