الدبلوماسية المُـوازية و الفـراغ ..
جريدة طنجة – إعداد : م.بديع السوسي ( الدبلوماسية )
ـ مـاذا فعلت هذه الدبلوماسية الميتة أصلا للدفاع عن وحدة البـلاد؟
ـ أين هي الدبلوماسية الرسمية العَـرجــاء التي تُعـانـي عــوزًا وفقرًا مُدقَعـًا…
من هنا ابتكروا عبارة أو فلسفة الدبلوماسية الموازية حتى يتم إشراك الفعاليات الأخرى ضمن قوة فاعلة ضاغطة للدفاع عن وحدة المغرب الترابية ودرء خطر الانفصال والتآمر، ولكن يبدو من مجريات الأيام والأحداث أنها كانت لتبرير سفريات سياحية، وتعليل إنفاق فاحش لا جدوى منه، وهو نفس ما يفعلونه لانتداب أشخاص وجهات ومكاتب ومؤسسات في دول كبرى لتشكيل لوبي مؤيد للمغرب في المحافل والمنتديات، قد يتبادر إلى الذهن أن المقصود بالدبلوماسية الموازية هذا الجحفل العرمرم من نواب وبرلمانيين وما يرجى من وراء تحركاتهم من خير يعود بالنفع والفلاح لقضية وحدتنا الترابية، ويتضح بالملموس أن نواب “الأمة” المتربعين على كراسي المجلسين الوثيرة والنائمين والغائبين لا يفكرون في هذا على الإطلاق، تكفي نظرة على ما يقترحون وما يسعون إليه، وما يطالبون به ليعطي فكرة عن المستوى السياسي والأخلاقي الذي وصلوا إليه، فحتى في سفرياتهم التمثيلية الرسمية وما أكثرها لا يلتمس المتتبع أي نشاط أو تدخل يصب في مصلحة قضايانا الوطنية المصيرية، إنما نحن ننتظر زيارات الآخرين تنفيذيين أو تشريعيين..
لنتحدث عن الوحدة الترابية، ولنتباهى أمام أجهزة وسائل الإعلام بأن الدولة الفلانية أو المجلس التشريعي الفلاني يؤيد وجهة نظر الحكم الذاتي والوحدة الترابية، وكثيرا ما قال البعض كلاما عائما معوما حول دور الأمم المتحدة دون الإشارة إلى تأييد أو غيره.
هذه هي الدبلوماسية الموازية التي ولدت ميتة فلا وجود لها البتة مع تقصير واضح في الدبلوماسية الرسمية، كثيرة هي الأمثلة لعل آخرها قرار محكمة العدل الأوروبية / قضية عدد : 266/16 الخاصة بالمنتوجات البحرية للأقاليم الجنوبية، والبلاغ الذي أعقبه والصادر في لوكسمبورغ بتاريخ : 27 فبراير 2018. والذي شكل ضربة موجعة للمغرب رغم أنه لن يغير شيئا من واقع الأمر الذي يؤكد ويكرس ويرسخ حتمية التاريخ في وحدة الأرض والإنسان والجغرافيا على أرض الصحراء النامية في المقابل، كان لقاء فرانس مونتانا في مدينة الداخلة الذي حضره ألف مدعو، وكان ناجحا بكل المقاييس ردا على كل المتكالبين وأذناب الانفصال، وتسعى قوى الشر والبغي إلى تحويل منظمة الاتحاد الإفريقي إلى ساحة للعراك والصراع وها نحن نشهد هذه الأيام وما يليها من امتداد أطراف الأخطبوط إلى مؤتمر قمة الاتحاد بشأن المنطقة الحرة التجارية للقارة، فأين هي الدبلوماسية الموازية أمام كل هذا الحقد المستشري الذي يحل كل شيء بما في ذلك حسن الجوار؟ فأين نحن من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حول الجار الذي كاد أن يورثه؟ وأين نحن من تاريخ مشترك دمره الأشقياء والأغبياء؟.
ماذا فعلت هذه الدبلوماسية الميتة أصلا للدفاع عن وحدة البلاد وسيادتها واستقلالية تصرفها وإدارتها لكل ثرواتها الظاهرة والباطنة؟ بل أين هي الدبلوماسية الرسمية العرجاء التي تعاني عوزا وفقرا مدقعا في الوسائل والموارد والأفكار و الرجال ؟ .
أين هي تمثيلياتنا الدبلوماسية؟ أما الأحزاب فقد أصبحت في خبر كان فلا هي في العير ولا في النفير، بل إنها قد غدت عبئا على المغاربة كما هو حال مجلسين مشلولين لا عمل لهما سوى استنزاف الميزانية العامة، وتبديد المال العام، والاستجابة لمطالب ورغبات السادة الأجلاء النواب النائمين والغائبين، زماننا لا يرحم إنه زمن الأقطاب والأطماع والمصالح.
ومن فاته الركب طوته عجلة النسيان، وسحقته ظروف الزمن المتقلب، فانظر كيف كانت المعارضة أيام زمان؟ كيف كانت تهز الدنيا ولا تقعهدها؟ وكيف أصبحت ككائن دجين لا يعرف ما حوله، ولا يعبأ بما يجول ويدور، أصبحت الأحزاب تتناوش وتتجاذب وتتنابز بالألقاب والإسم الفسوق، وتناقش ديمومة الرئيس أو انقضاء أجله الحزبي والسياسي لا هية عن المهام والمسؤوليات الموكولة إليها، إنها الآن مشغولة بتجديد مكاتبها الإقليمية والجهوية مع خطـابـات رَنـانــة لم تعد تثير أحدا، إنها حزبية آخر الزمن، حزبية العنتريات واللهاث وراء المكاسب وتلك آفة أخرى لن تسفر إلا عن المزيد من العزوف عن المشاركة في العمليات الانتخابية ما دام أن الحال هو الحال، وأن المنتخب برلمانيا أو جهويا أو محليا لا يظهر إلا كل انتخابات ليجدد نفس الخطاب الممل، يرسم نفس البسمات الشاحبات الصفراء ويطلق الوعود سيلا جارفا، فمتى يفهمون بأن الشعب قد فاق وعاق وقد مل الكذب والضحك على الذقون؟
إن الدبلوماسية الموازية والفراغ، أي خواء في خواء وصفر مضروب في صفر…..