جرادة : فتنة وتقصير …

جريدة طنجة – إعداد : م.بديع السوسي ( جرادة ) 

ـ في خضم الفتنة كأن هناك غياب كلي للمنتخبين والأحزاب…
ـ الحكومة لا تتحرك كالعادة إلا عند حدوث الكارثة… 

لا أسميه حراكا ولا احتجاجا ولكنه فتنة وتقصير
فتنة عندما يتم إخراج التجمهر والتظاهر عن إطاره السلمي إلى فوضى وحجارة وحريق ودماء، وتقصير لأنه كان من واجب المسؤولين والحكومة أن يبادروا إلى تنمية المناطق والجهات المهمشة والمنسية بدل انتظار الفتنة لتتحرك أخيرا كما حدث في الحسيمة وما جاورها.

وطبيعي أن كل فتنة وهي أشد من القتل تحركها دوافع ودواعي وأطراف، فأن يمضي الجمع في سبيله حاملا شعاراته الاجتماعية فهذا مقبول في كل القوانين والدول، ولكن أن يكون هناك ملثمون فمعناه إخفاء وجوه ستأتي في نادينا المنكر، لماذا إخفاء الوجه إذا كان القصد نبيلا وشريفا؟ وهذا ما أثبتته الأحداث عندما لم يكن القصد لا شريفا ولا نبيلا بل كان حقدا دفينا جسدته الحجارة، ونقمة على السلطات كرسته الحرائق التي أتت على سيارات القوات العمومية.

قد يكون في القوم شرفا ههمم إيصال صوتهم لمن لا آذان لهم، وإسماع زفراتهم للصم البكم، ولكن في كل حركة تندس أصابع الدبنا ميت، وتعربد أياد خفية تريدها فتنة لا تبقي ولا تدر، لا ينكر أحد مدى ما وصل إليه الوضع في جهات من المغرب غير النافع، ولقد أشار جلالة الملك إلى هذا الوضع الشاذ في خطبه مرارا، ولا ينكر أحد أن هذا التفاوت الطبقي، المقيت بين جهة وجهة، أو جهات وجهات يخلق صدعا ونزيفا يستغله بعض دعاة الفتنة، وضعاف النفوس، ونقولها صراحة أن المنتخبين والنواب والمجالس المحلية، ومجالس الجهات يجب أن تدفع الحساب.

لقد أثرى بعضهم من منصبه ، كما أن بعضهم الآخر لم يقم ولو بزيارة تفقد لموقعه الانتخابي ولدائرته وجهته ومدينته، وفي خضم الفتنة كان هناك غياب كلي للمنتخبين من كل الأصناف والألوان، وكان معه غياب آخر للأحزاب المؤطرة للجماهير لأنها لا تقوى ولا تملك شجاعة مواجهة الناس أو التصدي للغليان، أو الدعوة للحوار، أما الحكومة الموفرة فإنها لا تتحرك كالعادة إلا عند حدوث الكارثة لتوزع الاتهامات يمينا ويسارا. فأين كانت قبل الفتنة ؟ والآن وبعد حدوث ما حدث هل تتحرك هذه الحكومة لإسعاف مناطق أخرى مهمشة أم أنها ستنتظر حتى حدوث ما لا يحمد عقباه.

صحيح أن الحكومة ومعها البرلمان الجامد لا يملكان خطة تنموية طموحة، ولا أولويات رغم الخطابات المعطرة، والوعود العرقوبية، والأماني والآمال. الشعب بقتات بالخبز وليس بالكلمات والبسمات والاجتماعات، إنهم بدل تعزيز المنظومة الغذائي. وتوفير الأمن الغذائية. والقضاء على الفوارق الطبقية الشاسعة يرفعون الدعم عن المواد الأساسية و يلغون الدعم الكلي عن الأخرى بدعوى أن فئات ميسورة وشركات تستفيد من هذا الدعم وهو حق أريد به باطل.

ورجوعا إلى شظايا الفتنة فهل من المعقول أن تكون من بين مطالب التظاهرات، ومطالب دعاة الفتنة مجانية استهلاك الكهرباء والماء فمن يقول بهذا إلا من فقد عقله.

فكيف نطالب في جهة بإلغاء الرسوم المفروضة على استهلاك الماء والكهرباء قد يكون التخفيض من غلاء فاتورة الاستهلاك مقبولا. أما المجانية فمطلب تعجيزي، وإلا فإنها ستكون فتنة عارمة لأنه لا أحد يقبل بإعفاء جهة من أداء رسوم الاستهلاك، وإثقال كاهل جهة أخرى بها. لذلك فإنه مطلب عبطي وعبثي ليس إلا… كما أنه من حق القوات العمومية التدخل لحماية أرواح وممتلكات المواطنين، وحماية الأمن العام، والتصدي للعدميين والانحرافيين. ولا تخرج الدول الكبرى والديمقراطية عن هذا السبيل، وليس بعيدا عنا أحداث ألمانيا، والبرازيل وفي أمريكا وغيرها، فحماية الأمن العام جزء من مسؤولية الدولة.

زكم كان يؤدي أن أسأل أحد الأصوات الذي كان يفرح في أجيج الفتنة وسيارات القوات العمومية تطلق نفيرها وهو يصرخ، انظروا البديل الاقتصادي الذي أتتنا به الحكومة ، كان بؤدي أن أقول لهذا الصارخ الساذج، وهل يكون الرد الحضاري والأخلاقي هو إضرام النار في الممتلكات العمومية، وإحراق السيارات؟ هل هذا هو البديل على البديل والرد على البديل؟
أخيرا هي فتنة وتقصير كما قلت.
فتنة شارع تختلط فيه أياد غاشمة آثمة لا تريد الخير للوطن.
وتقصير من طرف المسؤولين حكومة ومنتخبين.
ووقانا الله شر الفتنة فهي أشد من القتل. .

Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول اقرأ أكثر