زهير وطاش الفنان التشكيلي المتميز إبداعا…
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( مسيرة فنان)
من مُميّــزات مُجتَمعنــا أنَّ المـواهـب العلمية والفنية التي تتطـور فتصبح عبقريات تُمجد اسم الوطن والتربية والأصل، اعتمدت على نفسها أولا، ثم دعم المربيين الأوائل وهم الآباء ثانيا، ثم الزمان الذي صقل مقدراتهم وإمكاناتهم، فأصبحوا ما أصبحوا رجالا وأفذاذا شذوا عن قاعدة الركون والجمود وانطلقوا يسبرون غور الزمان وحقيقة الكون وجمال الحياة بالقلم، والكلمة، والنغمة والريشة… وكثيرا بل غالبا ما تجاهلهم الوطن. فبلادنا جحودة تجاه رجالها ونسائها، لذا كانوا عصاميين، في الدول المتقدمة والتي تعتبر الإنسان قيمة، والمفكر والفنان قمة تهيء لهم أسباب الخلق والإبداع ولا تبخل عليهم بالدعم، نرجو أن تتغير الصورة النمطية للفنان المغربي.
في هذه العجالة نذكر فنانا تشكيليا صامتا، زهير وطاش، ولد رساما وفنانا، كان ازدياده سنة 1994، فتح عينيه في بيئة ثقافية، فكان طبيعيا أن ينساق مع تياره الأسري، وهكذا بدأ خربشاته التي كانت البذور الأولى لتفتق موهبته، وهو بعد لا زال في ربيعه الرابع يتهجى حروف اللغة في الحضانة. عرض أولى طفراته الفنية التشكيلية في معرض للرسوم الكاريكاتورية للفنان المبدع عبد السلام المريني شفاه الله.
وذلك بقاعة العروض بالمكتبة العامة بشارع الحرية. كان عمره آنذاك خمس سنوات، كما ساهم في مسابقة لمعرض رسوم الأطفال بدعم وتنشيط اتصالات المغرب وهو ما دفعه إلى رسم عدد من اللوحات مع جداريات بسطح المنزل. وفي المرحلة الإعدادية كان قد انتقل إلى مرحلة أخرى حيث شرع في الرسم على القماش، وفي المرحلة الثانوية اتسع نشاطه الفني، وصقل موهبته. فبصم بريشته رسومات بثانوية علال الفاسي بطنجة. وفي المرحلة الجامعية بدأ المشاركة في معارض فنية محلية ووطنية. كما بصم العديد من جداريات مدينة طنجة، ومدينة وزان، وبن أحمد، وفاس، وحصل على عدة شهادات تقدير وتنويه. كما أبدع في الرسم الثلاثي الأبعاد، و ما هو جدير بالذكر والاهتمام هو الرعاية الأبوية التي أحاطت بالفنان صبيا وطفلا وشابا، ومنذ بدأ شغبه مع الألوان، ومع الأوراق، ثم مع القماش… فقد كانت الوالدة الفاضلة تقتني له الألوان والفرشاة، ووالده الباعمراني القح الزميل محمد وطاش الذي يمده بالأوراق والأقلام…
واليوم اقتحم الفنان زهير وطاش تجربة جديدة قيل أنها ظهرت أول ما ظهرت في أوربا (سويسرة وهولندة على وجه الخصوص) ـ التجربة تتمثل في الرسم على الأشجار بعد إزالة اللحاء بطبيعة الحال وللقارئ أن يتصور مشهد ا طبيعيا ملونا على شجرة سامقة أو مجموعة أشجار… طبعا هي ظاهرة إبداعية غاية في الجمال والدقة ورهافة الحس، ورقة الشعور.
نتمنى أن يلقى الفنان زهير وطاش الدعم الذي يستحقه، وأن تتعهده إرادات طيبة وطموحة، وأن تفسح له مجال العرض الدولي خارج المغرب، فالفنانون والمفكرون هم أيضا سفراء بلدانهم. والفن لا حدود له، ولا جنسية له، ولا لغة له إلا لغة التعبير بالنغم والرمز والإيحاء، الفن تراث إنساني ملك للبشرية كلها فكلما فتحنا له مغالق الأبواب، وسمحنا له بالانطلاق إلى عوالم أخرى أسدينا للإنسانية الخير العميم. وحبذا لو كانت إحدى انطلاقات الإبداع والتواصل والحوار من مغربنا الحبيب.
ودعواتنا بالتوفيق للفنان التشكيلي زهير وطاش فهذا الشبل من ذاك الأسد الذي يرسم بالكلمات.
تمنياتنا بمزيد من النجاح……