بلغَ السيلُ الزّبى !
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( انسحاب الـدرّاجيــن من الطواف بالمغرب )
شَكّلَ انسحـاب فـريقـي الـدرّاجيــن المغـاربــــة من الدورة الواحدة والثلاثين لطواف المغرب، عند المرحلة الثامنة بين أكادير والصويرة، فضيحة كبرى بالنسبة للمسؤولين عن الجامعة الملكية المغربية للدراجات وإدانة مدوية لتعاملهم مع الرياضيين الذين “فضحوا”، بموقفهم الجريء هذا، ممارسات وصفها عميد المنتخب الوطني ، عادل جلول ، بـ “المهينة” ماديا ومعنويا، وكون الجامعة لا تقيم وزنا لمعاناة الدراجين المغاربة الذين يعيشون حالات التهميش والقمع واللامبالاة ، حيث إنهم يواجهون حالات من الإهانة والتعسف المهين والحاط بالكرامة .
قرار انسحاب فريق رياضب وطني من تظاهرة دولية، كطواف المغرب ذي الصدى العالمي، ليس بالأمر السهل، ولابد أن يكون مبنيا على أسباب عميقة ، نفسية ومعنوية ومادية، لم يتردد الرياضيون المغاربة في طرحها وشرحها عبر تصريحات صحافية قابلها الرأي العام المغربي بالكثير من الاهتمام والعناية، حيث عبرت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الانسان ، عن تضامنها مع “المنسحبين”، بسبب ما وصفته الرابطة بــ “الجو المحتقن والمشحون “، الذي يطبع علاقات الرياضيين المغاربة مع مسؤولي الجامعة الذين يبخسون جهودهم وحقوقهم كرياضيين وطنيين محترفين، مشهود لهم بالكفاءة والغيرة الوطنية، حيث صرح عميد المنتخب الوطني بأن الرياضيين المشاركين في الطواف لا يتقاضون سوى 70 درهما يوميا بينما يتقاضى أعضاء الجامعة “Per Diem” بمبلغ ألف درهم ! في حين لا يتم توفير غذاء الدارج فوق الدراجة ليضطر الدراجون إلى شراء ما ياكلونه من مالهم، أثناء السباق، كما لا توفر الجامعة اللباس الخاص للدراجين الذين يشاركون في الطواف بدراجاتهم الخاصة بدل أن توفرها الجامعة لهم. ولا يتوفرون على تغطية صحية حيث يضطرون إلى أداء تكاليف علاجهم من مالهم.
وكرد فعل الجامعة، قال رئيسها بلماحي في ندوة صحافية، إنه تقرر “توقيف الدراجين المنسحبين ، بأثر فوري، مدى الحياة” وتقديمهم أمام لجنة تأديبية ، وأن الجامعة سوف تتخذ “قرارات أخرى” لاحقا .
وكان بلماحي محقا حين اعتبر أن انسحاب الدراجين من طواف المغرب الدولي يعتبر “قرارا مؤسفا” ومتعارضا مع “القوانين الجاري بها العمل” والتي لا يقع واجب احترامها، كما يبدو، سوى على الدراجين أنفسهم، ولكنه لم يكلف نفسه عناء البحث عن أسباب ذلك الانسحاب “المهين” للجامعة، التي ادعى بالماحي باسمها، أن “كل متطلبات الدراجين تم التجاوب معها قبل انطلاق الطواف”، كما أنه أدان المنسحبين من الطواف واعتبر قرارهم “خيانة وطنية”، الأمر الذي رد عليه عميد المنتخب الوطني بأنه “عندما ينسحب رياضي مغربي من تظاهرة منظمة ببلاده، فهذا يعني أن هناك أشياء فوق طاقته جعلته يقدم على قرار بمثل تلك الأهمية والخطورة” وبأن اتهام المنسحبين من الطواف “خيانة وطنية” من شأنه الإضرار بصورة المغرب أمام العالم في سياق دعم طواف المغرب للدراجات لملف استضافة المغرب لكاس العالم 2026، قال عميد المنتخب الوطني: “لن نسمح لأحد أن يتهمنا بالخيانة، لأننا نحب القميص الوطني، ورفعناه لسنين وسنرفعه إن شاء الله، ولكن ليس مع الذين همشونا وهمشوا رياضة الدراجة ، والذين كانوا السبب في قرارنا بالانسحاب، بعد أن استحال علينا متابعة الطواف في الظروف التي أملوها على الدراجين وفرضوها عليهم.
تظلم الرياضيين المغاربة من جامعاتهم الملكية ، أمر “مستعر”، كثير التداول على صفحات الجرائد المختصة، وهو ما قد يعني أن شيئا ما لا ” يدور” كما ينبغي، وعوض البحث عن حلول ناجعة للمشاكل، كثيرا ما يفضل مسؤولو الرياضات “الهروب إلى الأمام” بتبرئة ذاتهم وتحميل الرياضيين وزر مواقفهم المتشددة، حين “يبلغ السيل الزبى” ويفقد الرياضيون القدرة على مزيد من التحمل.
حديث عميد منتخب الدراجين خلال استضافته من طرف برنامج “الماتش” لتلفزة “ميدي آن”، هذا الأسبوع، أعطى فكرة واضحة عن معاناة الدراجين مع جامعتهم وفند ادعاءات رئيس الجامعة التي تندرج في خانة “كل شيء على ما يرام، مدام لا مركيز” وهي “قواليب” لم تعد تجد من “يساومها” في زماننا هذا…
وعلى كل حال، فإن قرار الجامعة ب”التوقيف مدى الحياة” و التهديد بعرض “الزايغين” على لجنة التأديب، ونعتهم بإلحاق الضرر بترشح المغرب للمونديال، أمور لم تلق تجاوبا على مستوى الرأي العام الذي يطالب بفتح تحقيق دقيق ومحايد في هذا النازلة، لعلها الأولى في حياة الرياضات الوطنية، و قد لا تكون الأخيرة إذا ما تعمد “تقليدها” رياضيون من تخصصات أخرى يوم يواجهون ظروفا مثل تلك التي دفعت الدراجين إلى الانسحاب من طواف المغرب !!!…….