كل رمضان وأنتم بخير
جريدة طنجة – إعداد : مصطفى بديع السوسي ( رمضان )
ـ تحسبهم أغنياء من التعفف.
ـ آفة الآفات حيت تركب النزعة العدوانية عقول وأذهان وأجساد الناس.
ــــــــــ
شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هُدى للناس وبيّنــات من الهُدى والفُرقــــان، إلاّ أنّنـــا ورغم حَفاوتنا بـالـزائـر الذي يُطل علينـا مَـرّة في السنة كفيف عزيز لا يلب ثان يرحل بكل حسناتنا وسيئاتنا إلا أننا لا نعطيه حقه، لقد شرعه الله لمثل وقيم وعبر وموعظة، وأراده اختبارا للذات الشهوانية التي تحركها غرائز بهيمية، وأراده ليعيش الصائم يومه وهو يتمثل ويستحضر شخوص أولئك الذين لا يجدون قوت يومهم، وإن وجدوه فهو فضلة مما يتبقى من موائد المتخمين، وكم بات بعضهم على الهوى وهو يذكرون وهم يذكرون ربهم بالغداة والعشي تمنعهم نفحة من إباء أن يمدوا اليد للغير، تحسبهم أغنياء من التعفف، نحن لا نذكر هؤلاء أو أن الكثير من قومنا لا يذكروهم أمام موائدهم العامرة التي تحفل بكل ما لذ وطاب كلما أذن المؤذن لصلاة المغرب، موعد الفطور، وكأنهم ينتقمون ليوم جوع وامتناع عن شهوتي البطن والفرج طال اليوم أو قصر. فكيف يتذكرون والبطون متخمة، والعقول ملبدة، والضمائر غائمة، كيف يتذكرون الصائمين الذين لا يجدون شقي ثمرة وقد أمروا أن يذكرونهم ويحسنون إليهم، وقد تجسد هذا الحال في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أيما عرصة بات فيها امرؤ جائع وجاره يعلم به إلا وبرأت منه ذمة الله ورسوله “.
فكيف بالصيام و كلّنـا فيه سَـواء ؟ هذا الجـانب الإنـسانـي و الإحسـانـي بدأ يفقد وَهجه في مجتمعنا إن لم نقل أنه فقده بالمرة، والقليل من يحسن إلى جاره المحتاج أو الفقير قاصيا أو دانيا. لذلك فنحن أبعد عن فريضة الصوم كما شرعها الله.
..مساجدهم عامرة وهي فارغة من الإيمان .. كما ان خُطب الجمعة هي رجع الصدى لخطابات التلفزة ورصد للمناسبات .
أما آفة الآفات فهي حين تركب النـزعة العدوانية عُقـول وأذهــان وأجساد الناس، فتصبح مشاهد الاصطدامات وتَبادُل الضـرب والتشـابُـك بالأيدي، والقذف بالسّب والشّتم ضفة لازمة خلال هذا الشهر الأبرك، أما حديث ، فإن سبك أحد أو شتمك فقل إني صائم، إني صائم، “فقد غدا من مخلفات الإرث البائد، وأصبح علامة ضعف وخذلان، وهكذا تغيرت المفاهيم، وانقلبت رأسا على عقب، واكتست حلة أرجوانية مصبوغة بالجهل والفقر الروحي.
ولعل ما يزيد من فظاعة قصور الفهم، والعجز عن استيعاب مضامين فريضة الصيام وميزته نكوص العلماء والفقهاء عن توعية الناس وإرشادهم، وإن فعل بعضهم بلغة خشبية جامدة، وخطاب مفتعل مكرر ومجتر مع استعراض تفاهات أو عادات وممارسات يعرفها الجميع ورضعوها مع لبن الفطام. لذلك يتجه الناس إلى القنوات الفضائية العربية الأخرى حيث المساجلات والمناظرات العلمية، ودروس تبلغ بطرق وخطابات تجيش قوة وحماسة وبلغة فصيحة تملأ القلب وتغزو الوجدان.
رجاء أن يتخلى علماؤنا وفقهائنا عن القوالب الجامدة الجاهزة، وأن يبتعدوا عن لغة التلفزيون الخشبية.
لتكن فرصة للتصالُح مع الذات، والمجتمع، ولتطهير واقعنا البئيس من أدران الماديات والغوغـائيـــات وأساليب الغابة المنحطة…..
ونصرٌ من الله وفتــح قـريـــــب