مخـلاونـاش نخدمـو!..

جريدة طنجة – م.ع ( ) 

مبــاشرة بعدَ فَـوْز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية لسنة 2015، والتي حملته إلى قيادة الحكومة، برز في المشهد السياسي خطاب متفرد وغير مسبوق، يرتكز بصفة أساسية على تسويق الحزب من موقع الضحية، والمستهدف من طرف قوى خارقة تخطط لإفشال تجربته الحكومية، وهو الخطاب الذي تعزز بشكل كبير عقب الانتخابات الجماعية التي اكتسح فيها الحزب معظم الجماعات الترابية وخاصة المدن الكبرى والمتوسطة..

لا يُجادل إثنان في كون عبد الإله بنكيران هو المنظر الحقيقي لهذا الخطاب، وهو الذي أثبت احترافية كبيرة وبراعة لا تضاهى في تسويقه بين المواطنين، حتى أن الرجل قاد حزبه لتحقيق انتصار ساحق في محطتين انتخابيتين (2015 و 2016)، والفضل في ذلك على الخصوص يرجع لخطاب المظلومية، والدليل أن بنكيران هو المسؤول الحكومي الوحيد الذي تمكن من اكتساح صناديق الاقتراع رغم اتخاذه قرارات مؤلمة، استهدفت جيوب المواطنين البسطاء، من خلال رفعه لأسعار جميع المواد الأساسية، وخاصة الماء والكهرباء والغازوال…

وحيث أن خطة بنكيران أثبت نجاعتها، فإن الإخوان بمدينة طنجة، وبعد اكتساحهم لصناديق اقتراع الانتخابات الجماعية التي جرت يوم 4 شتنبر 2015، وحصولهم على الأغلبية المطلقة في مجلس المدينة ومجالس مقاطعاتها الأربع، لم يجدوا غير تسويق خطاب المظلومية لتبرير عجزهم وفشلهم في تدبير شؤون المدينة، وإخفاقهم في اتخاذ القرارات المناسبة الكفيلة بإيجاد الحلول الملائمة للمشاكل الكبرى التي تعانيها المدينة..

لقد صار مألوفا لدى مواطني مدينة طنجة أنهم كلما قادتهم الظروف إلى مقر مجلس المدينة أو إلى مقرات مجالس المقاطعات، يستفسرون عن مآل ملف أو قضية تهمهم، فإن الجواب جاهز، رغم اختلاف الصيغ:
نحن على استعداد لإيجاد الحل، لكن الولاية هي التي تعرقل..

نحن صادقنا على برمجة الاعتمادات المالية، لكن الولاية رفضت التصديق على القرار..
هذا لا يدخل في اختصاصنا، بل هو من اختصاص الولاية..
اذهبوا عند الوالي وطالبوا بحقوقكم ونحن معكم..

كان بودنا أن نستجيب لمطالبكم، لكن الجماعة تعاني أزمة مالية خانقة بسبب تنفيذ الأحكام القضائية المتعلقة بقضايا نزع الملكية..
نحن متأكدون من كوننا نتعرض لمؤامرة يقف وراءها جهات لا تريد لنا أن ننجح في مهامنا..
هذه نماذج من التصريحات التي يتلقاها المواطن من طرف مسؤولي الجماعة والمقاطعات، وكلها تجمع على التنصل من المسؤولية، وإلقاء اللوم على وزارة الداخلية وعلى الوالي، وتصوير الأمر وكأنه مخطط جهنمي لإفشال تجربتهم في تدبير شؤون المدينة..

طيب إذا كان الأمر كما يحاولون إيهام المواطنين به، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو:
من يمنعكم من تقديم استقالتكم ما دامت هاته الجهات مصممة على إفشالكم؟!..

أنا لا أستوعب كيف أن الخطاب الذي يتم تسويقه بين المواطنين هو أنهم ضحية مؤامرة يقودها التحكم، ومع ذلك يتسابقون كل سنة على تقديم حصيلة منجزاتهم، وطبقها في كتب أنيقة، تضاهي في جماليتها تلك التي تصدر عن مؤسسات دولية؟!!..

كيف يتم تسويق خطاب المظلومية، ومقاطعات المدينة تصرف 8 ملايير سنتيم سنويا؟!..
بالله عليكم هل تمتلكون الجرأة للكشف عن الجهات التي فرضت عليكم الموافقة على مراجعة عقد أمانديس وبفضلها حصلت على امتيازات لم تكن تحلم بها أيام أولئك الذي كانوا متهمين بالتواطؤ معها؟..
من أجبركم على تمرير تصميم التهيئة،الذي سيكون وبالا على البلاد والعباد؟..

من أشهر في وجهكم الأسلحة النارية للرفع من القرار الجبائي، وبعد ستة أشهر تُقـرّرون مُـراجعته والتراجع عن الـزيـادة؟!..
من الذي يمنعكم من مُـراقبة شركات التدبير المفوض (أمانديس، الإنارة العمومية، النقل، النظافة..)؟!..
هاته كلها من صميم اختصاصات الجماعات الترابية، وليس لأي كان العذر في البحث عن أي سبب لتبرير الفشل في اتخاذ ما يلزم من قرارات بشأنها..

إن الاعتراف بالخطأ فضيلة من شيم الكبار، وكان بـالأحرى على الإخوان الاعتراف بأنهم فشلوا في تنزيل وعودهم التي قدموها للساكنة، أما الإصرار على الاختباء وراء نظرية المؤامرة، فإن الأمر لا يعدو أن يكون استهتارا بعقول المواطنين، واستخفافا بوعيهم وذكائهم..
اللعبة باتت مكشوفة، وما عليكم إلا الاعتراف بالفشل!…..

Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول اقرأ أكثر