أحمد بيرو، بهاء الرندة، مروان حاجي، عمر المتيوي، محمد بريول و سعيد برادة أبرز نجوم الملتقى التاسع لهواة الموسيقى الأندلسية بطنجة تحت إشراف جمعية نسائم الأندلس لهواة الطرب الأندلسي

جريدة طنجة – إعداد : لمياء السلاوي ( ) 

كان لـولـوعـي مدينة طنجة و الطرب الأندلسي أو موسيقى الآلة كما يحب المغاربة أن يُسَمّوهُ، موعد مع المُلتقى التاسع لهواة الموسيقى الأندلسية، الذي تشرف على تنظيمه جمعية نسائم الأندلس للطرب الأندلسي بطنجة، هذه الجمعية التي قال عنها وزير الثقافة و التواصل إبّـان حُضـورهِ إحدى سَهَراتها لهذا الموسم، أنّهــا “تـرنـــو إلـى آفـاق عـريضـة من تفعيل” الوصل بالأندلس” بزمن متنام لا متناه، بأبعــاد ثقافية تربوية فنية و تنموية توازي مشروع “طنجة الكبرى” من حيث خلق الحَدث و استيعـاب المجتمع المدني بكل أطيـافه و فئـاته إلى مـأدبـة الكلمة الـرَّاقية و النغمة الـزاهية والمشهد الحسن، تذكيرا بالمـاضي العـريـق و احتفاء بـرجـاله و تعظيمـًا لمؤلفيه و كتابه”، هكذا عَلَّقَ “محمد الأعـرج”، على إنجـازات جمعية نسائم الأندلـس.

ملتقى هذه السنة إذن، الذي انطلق يوم الخميس من الأسبوع المنصرم و الذي امتدّ إلـى غـايـة يـومهِ الأحـد، شهد ندوة ضخمة حول المدرسة الوكيلية، التي ترجع إلى المرحوم مولاي أحمد الوكيلي، فقيه الطرب الأندلسي، لكونه شَكَّلَ مدرسة أندلُسيـة مغـربيـة قـائمـة بذاتها، وقد كان أول من أدخل تعديلات على كثير من موشحات هذا الفن، واستعمل فيه آلات موسيقية لم تكن تستعمل من قبل، وكان حريصا على إتقان ما يؤديه، وناضل باستماتة في سبيل تعميم التذوق الفني لموسيقى الآلة في وقت كان يجتاز فيه هذا النوع من الموسيقى أحلك مراحله، وقبل وفاته كون تلامذة مقتدرون حملوا المشعل من ورائه.

و جاءت الندوة في إطار رغبة الجمعية في تسليط الضوء على ما تشكله مدرسة الراحل مولاي أحمد الوكيلي وأثر فضله على من تتلمذ على يديه، وهي المدرسة العريقة التي بدلت جهدا كبيرا في المحافظة على هذا الموروث الثقافي والفني وأورثته للأجيال المتتالية ليبقى خالدا بقدر بقاء الإنسان، حيث يعتبر الفنان الكبير مولاي أحمد الوكيلي رحمه الله أحد الرواد الكبار ومن المراجع الكبيرة لتراث موسيقى الآلة المغربية ، هذه الندوة التي أطرها الإعلامي و الشاعر الأستاذ عبد اللطيف بنيحيى، و الذي حظي بتكريم قيّم من لدن جمعية نسائم الأندلس، اعترافا بمساره المهني المشرّف و تثمينا لجهوده اللامشروطة في نشر هذا الفن العريق، هذه الندوة التي شهدت أيضا تكريم الفرقة الموسيقية العريقة بطنجة و التي تحيي على مدار السنة أمسيات أندلسية بالمقهى الشهير “حنفطة”، تقديرا لمكانة أعضائها الكرام و تشجيعا للفن الأندلسي بالمدينة، و عرفت الندوة مشاركة الأساتذة، محمد مصطفى الريسوني وأحمد المروش وحاتم الوكيلي، ثم أحيت سهرة الإفتتاح مجموعة جوق المرحوم مولاي أحمد الوكيلي، ومجموعة قدامى جوق الإذاعة الوطنية للموسيقى الأندلسية.

و شهد اليوم الأول من الملتقى أيضا توقيع كتاب” المتن الشعري للطرب الأندلسي”، من أداء مولاي أحمد الوكيلي و من إصدار جمعية نسائم الأندلس، وهو كتاب يقدم عصارة تجربة فنان كبير في مجال توثيق هذا الفن العريق.

اليوم الثاني من الملتقى التاسع لهواة الموسيقى الأندلسية بطنجة، شهد تكريم عميد الطرب الغرناطي، الحاج أحمد بيرو، الذي أحيا السهرة الكبرى الأولى للملتقى، بمشاركة حاملة مشعل الغرناطي بالمغرب، البهية بهاء الرندة، تحت إشراف جوق الأستاذ أمين الدبي، وفرقة التدلاوي للموسيقى الإستعراضية بمدينة صفرو، و شهدت الحصة الثانية من السهرة حضورا قويا لمجموعة إخوان الفن الموسيقية بفاس تحت قيادة سفير الموسيقى الروحية بالمغرب، الفنان مروان حاجي.

السهرة الثانية الكبرى عرفت تكريم ضيف شرف الملتقي، وسيط المملكة المغربية الأستاذ النقيب عبد العزيز بنزاكور، فضلا عن مشاركة جوق جمعية روافد موسيقية تحت إشراف الدكتور عمر المتيوي، حيث اسمتع الجمهور الغفير بشذرات من نوبة غريبة الحسين، فضلا عن شذرات من نوبة عراق العجم أحياها جوق المرحوم عبد الكريم الرايس بفاس، برآسة الفنان المايسترو محمد بريول، كما عرفت سهرة يوم السبت تكريم بعض إعلاميي المدينة ، وسط حضور وازن شمل وزير الثقافة و الإتصال و عمدة مدينة طنجة و شخصيات كبرى تعنى بهذا الفن العريق، باعتبار مدينة طنجة، كانت و لا تزال، مهدا للفنون الأصيلة التي يتميز بها التراث المغربي، وهو تراث لا يمس الجانب الغنائي فحسب، بل يتعداه الى جوانب متعددة من الحضارة المغربية من خلال تعدد ألحانه وأنغامه الشجية وإيقاعاته البهية، واستعماله للآلات المعهودة التي يعزف بها الهواة والمحترفون كالرباب، إضافة الى أشعاره البديعة وكلماته الرفيعة وأقواله العجيبة المتجلية في الزجل والملحون المبنيين على عمق الكلمة ورشاقة المبنى وجلال المعنى، وهو ما دفع الباحثين وعشاق الموسيقى من كل أقطار العالم الى المجيء إلى طنجة و إلى المغرب في محاولات لكشف هذا الفن الأصيل ومميزاته المتعددة.

و كان لمنخرطي الجمعية موعدا مميّزا صباح الأحد، تجلى في تقليد “النزاهة” العريق، حيث اجتمع المولوعين بفن عيساوة في المنتزه التاريخي “بيرديكاريس”، ليجتمع الكل حول أحد عمالقة الفن العيساوي بالمغرب، الحاج سعيد برادة، الذي لقي تجاوبا منقطع النظير من لدن كل الحاضرين، خصوصا و أن جمهور جمعية نسائم الأندلس، لطالما عرف برقيّه و نوعيته، مرافقا كل أنشطة الجمعية التي تسعى إلى زف البهجة و السرور لكل ناظر و عاشق للفن الجميل، وسط لحظات حب ووئام كانت دائما عنوانا لملتقيات نسائم الأندلس.

ملتقيات جمعية نسائم الأندلس لهواة الطرب الأندلسي بطنجة، عرفت منذ نشأتها، بمد حبل التواصل بين ماضي وحاضر هذا اللون الموسيقي، بجذوره التاريخية ومستقبله المتوارث بإحياء ذاكرته من جيل إلى جيل، هذه الملتقيات التي تعنى بالرعاية السامية للملك محمد السادس، و التي تجعل جمهورها يستمتع بصدى إيقاعات الآلات الموسيقية العريقة، التي تزيد عمق الشعر واللازمات الإيقاعية للموسيقى الأندلسية رونقا و جمالا.

رئيس جمعية نسائم الأندلس، الأستاذ أحمد كنون، ثمّن جهود مختلف عشاق الموسيقى الأندلسية من أجل الحفاظ على هذا التراث الفني في كلمة له بالمناسبة، مبرزا أن الجمعية تهدف إلى النهوض بهذه الموسيقى العريقة بين صفوف الشباب عزفا واستماعا وتكريما للأعلام الكبرى لهذا الفن فضلا عن المساهمة في الإشعاع الثقافي لمدينة طنجة.

وقد تأسست مجموعة جمعية روافد موسيقية سنة 1994، وتتشكل من خيرة الباحثين الموسيقيين المهتمين بالطرب الاندلسي وعشاق هذا النوع الموسيقي بالمنطقة الشمالية من المملكة، وتسعى الجمعية عامة الى المحافظة وصون وتطوير التراث الموسيقي الأندلسي، وذلك عبر إحياء الحفلات واللقاءات الموسيقية والتربية الفنية للأجيال الصاعدة.

و تجدر الإشارة إلى أن مسك ختام الملتقى سيكون مساء اليوم السبت 5 ماي، احتفاء بذكرى ميلاد الأمير ولي العهد، مولاي الحسن، حيث سينظم حفل موسيقي باذخ يتشكل من كورال الجهة، حوالي 500 مشاركة و مشارك من تلميذات و تلاميذ المؤسسات التعليمية ( طنجة، تطوا، أصيلة، العرائش، القصر الكبير، الحسيمة، شفشاون و وزان)، و ذلك بتأطير من الأستاذين، نبيل أقبيب و إسماعيل الإدريسي و بمشاركة نخبة طنجة للآلة الأندلسية، و سينظم الحفل بساحة ميناء طنجة المدينة…

Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول اقرأ أكثر