سؤال القراءة مع الدكتور عدنان إبراهيم ..
جريدة طنجة – محمد العـودي ( القراءة )
ببساطة لأن الأمة العربية نصفها أمّيـون. هنــاك من يحاول أن يكتشف أسبابا من قبيل أن ضُغوط الحياة ومَشاق كسب العيش هي التي تحول بيننا وبين القراءة، قد يكون هذا التفسير صحيحا جزئيا، لكنه إن جاز في حق الكسبة وأصحاب المهن والعمال فلا يمكن أن يجوز في حق تلاميذ المدارس الذين لا يقرؤون أيضا، الذين ينتقمون من الكتب بعد كل امتحان بتمزيقها وتقطيعها ورميها في الهواء وفضاءات المدارس في تصرف يستطيع فعلا أن يرمز لطبيعة العلاقة بينهم وبين الكِتاب، إنها علاقة عدائية حقيقية، علاقة عدوان وكره للأسف. كما أن التفسير ذاته لا يمكن أن يوضح لنا لماذا لا يقرأ طلاب الجامعات؟ طبعا هناك من يقرأ، لكنها تبق قراءات ضعيفة جدا ومخجلة. في الحقيقة هم ليسوا قَرأة، وللأسف الشديد هذه ظاهرة من حيث الأصل هي ظاهرة واقعية لا يمكن أن نلتف أو أن نتحايل عليها.
2- بنظرك ما هو مستوى المُثقف العربي اليوم؟
في الحقيقة إن مستوى المثقف العربي اليوم ضحل جدا وغير مرضي تماما. بمعنى أن هناك كُتاب وأصحاب أقلام من لهم في الساحة الفكرية والعلمية نصف قرن، وحين تقرأ آخر ما كتبوه وآخر ما سطرته أيديهم، تجدهم أنهم يعودون للمصادر والمراجع التي عادوا إليها قبل نصف قرن، نفس المصادر ونفس الكتب يعني كالذي يمضغ الماء ويطحن الهواء، نصف قرن لم يتطوروا، لم يقرؤوا شيئا جديدا، لم يزيدوا في دائرتهم المعرفية ولم يعملوا على تطوير أنفسهم لأنهم ليسوا قارئيين جيدين، فلو كانوا كذلك لأصبحوا الآن مفكرين عالميين. نصف قرن جديرة بأن تحول الإنسان إلى مفكر عالمي لو استغلها استغلالا صحيحا وبطريقة منهجية. لذلك فالقاعدة تقول: إن المبدع الكبير لابد أن يكون قارئا كبيرا، فليس هناك إبداع من دون قراءة، مستحيل.
3- ما هي النصيحة التي تنصح بها كل مثقف وكل من يريد أن يصبح إنسانا مثقفا؟
أقول لهم: عليكم بالمطالعة والتحصيل، أقول لهم جِدوا، جِدوا، فالدهر هازل. إقرؤوا ليل نهار. أنتم لا تتعبون كما يجب ولا أستثني نفسي، أنا من هؤلاء. ترى اليوم هذا المدعو المثقف يجلس رجل على رجل ويقرأ ويعلق ويكتب ويقارن ويحاكم دون أن يبدل أي جهد في البحث والتفكير والإكتشاف، بل حتى الأستاذ الجامعي الباحث، تجده يجلس في قاعات الدراسة ويُدرس 10 معلومات يكررها خمسين سنة، كل دماغه 10 كتب لا يحفظ غيرها، شيء غريب! ينبغي علينا في الحقيقة أن نقرأ كتابا أو كتابين في اليوم حتى نستطيع أن نقدم شيئا مميزا ونكون مثقفين حقيقيين لا مثقفين رمزيين فقط.
4- ماذا تستطيع أن تضيف في هذا السياق ككلمة أخيرة؟
أقول إنه لا شرف لنا ولا نجاة لنا، بل ولا مستقبل لنا بغير العلم والكتاب. أزعم أيضا أن السياسة دمرت العرب لأنهم لا يقرؤون، بل حتى الزعماء والقيادات لو كانوا يقرؤون ويتثقفون لكبرت همتهم ولأصبح هدفهم أكبر من بناء القصور والعيش مع الحور وتلقي خطب التمجيد العصماء والكذب والنفاق والرشاوى المعنوية… يجب أن نعلم أنه بالقرائة وحدها يصبح الإنسانا عظيما، يطلع بحال المسؤولية الكبرى ويريد أن يدخل التاريخ. آخر إحصائيات بخصوص القراءة سنة 2014 تقول إن الأمريكي يقرأ 18 كتابا في السنة والأوروبي يقرأ 15 كتابا والعربي يقرأ نصف صحيفة، إنه لعار بالنسبة لأمة إقرأ… في الحقيقة هذا الحديث لا ينتهي ومن الصعب أن نبلغ فيه شيئا يرضي النفس، لكن هذا هو حال العرب مع القراءة والكتاب للأسف الشديد.
ونتمنى من الله أن يحيي مَيْتَ الهمم ويوقظ ويشعل خَامِدَ العزم إنه ولي ذلك والقادر عليه…!