الثورة الثقافية مع المفكر حسن أوريد

1– ماذا تعني بالثورة الثقافية في كتابك الأخير “من أجل ثورة ثقافية في المغرب”؟
ما قصدته بالثورة الثقافية هو تغيير البنية الذهنية للمجتمع. إن التحديث أو المعاصرة ليس مسألة اكتساب مهارات أو تقنيات على أهميتها، فلا يمكن للتحديث أن يتم إن لم تتغير البنية الذهنية للمجتمع، ولذلك اعتبرت أن من أولى الأولويات أن نستثمر في البنية الذهنية من خلال التربية، هذا هو مؤدى هذا الكتاب. ثم إن فكرة الثورة الثقافية ليست حديثة فقد صدرت ربما منذ خمسين سنة، وأول من استعملها من المفكرين المغاربة هو عبد الله العروي في كتابه “الأيديولوجية العربية المعاصرة” معتبرا أن التحديث ليس مجرد تبني التقنيات ولكنه بالأساس بنية ذهنية وأن العرب عموما لن ينتقلوا إلى طور التحديث ما لم يقوموا بثورة ثقافية، والثورة الثقافية كما قلت لن تتحقق إلا بتغيير البنية الذهنية من خلال التربية.

2- لا يمكن قيام ثورة ثقافية دون إصلاح التعليم أيضا، ما هي رؤيتك الخاصة لإصلاح التعليم العربي؟
مسألة الإصلاح في المنظومة التربوية مُسَلّمَة وملازمة على أساس أن هناك تغييرات مستمرة. الإصلاح شيء بنيوي في التعليم، لكن الغالب هو أنه حينما تنكب الحكومات على قضية التعليم تصرف نظرها إلى جانب ما قد يكون امتحانات الباكالوريا أو بنيات المؤسسات التربوية أو محاربة الغش في الامتحانات… أنا لا أتحدث عن هذا الشق من الإصلاح في كتابي، بل أتحدث عن إصلاح مرتبط بتصور مجتمعي أو طموح جماعي، المسألة لا يمكن أن تختزل في الجانب التقني فقط والحال أن كل المقاربات التي ركزت على الجانب التقني باءت بالفشل. ناقشنا خلال أكثر من 20 سنة ميثاق التربية الوطنية والبرنامج الاستعجالي وهلم جرا، لكن بالمقابل لم تطرح المسألة الأساسية التي تتعلق بسؤال أي طموح جماعي يستحثنا؟ أي رؤية نرسمها لأنفسنا وللمجتمع الذي نريده؟ هذا هو الشيء الأساسي صراحة، فبالنسبة لي هكذا أفهم الإصلاح.

3- لماذا هذا الغياب البارز للمثقف والمفكر العربي على الساحة الثقافية والأدبية رغم التحولات العميقة التي يعرفها الوطن العربي؟
لا يمكن أن ننجز إلا ما تصورناه كما يقول هيغل. وهي ذات الفكرة التي يعبر عنها المتنبي بقوله: “الرأي قبل شجاعة الشجعان”. فالحاجة ملحة اليوم إلى رؤية وتصور إلى مفكرين ومثقفين. العالم العربي أصبح موزعا ما بين المعتقدات وسؤال أي أفكار نرثها وأية تقنيات نستوردها؟ في غياب تام للفكر والأفكار التي يمكن أن نصوغها من خلال تفاعل الجهد الفكر والواقع لتجاوز معضلاته. وهي أشياء غائبة أيضا في القضايا الكبرى، خصوصا عندما نتحدث عن علاقة الحاكم والمحكوم، علاقة الدين والسياسة، إنتاج الثروة وتوزيعها. وينعكس ذلك في هشاشة بنية الدولة، وفي ضعف الفكر الاقتصادي، بل غيابه من الأساس، وليس هناك أدنى إسهام للعرب حقيقة فيما يخص الإشكاليتين الكبيرتين في الاقتصاد وهما علاقة العمل بالرأسمال، والإنتاج بالتوزيع، ويمكن أن نضيف أيضا التربية التي تُخلط مع التعليم، والحال أن التربية هي عملية تحويل وبناء إنسان جديد. إن التقييم الذي قام به نزار قباني عام 1967 في قصيدته “هوامش على دفتر النكسة”، ما زال صالحا إلى غاية هذه اللحظة، فنحن عالم لا يقرأ دعونا نعترف بذلك، حتى أننا ننتج من الكتب أقل مما يُنتج بلد مثل اليونان الذي لا يتجاوز عدد سكانه تسعة ملايين نسمة، هذا بغض النظر عن نوعية ما ينشر. وبصراحة حالنا لا يحسد عليه.

Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول اقرأ أكثر