مع الشاعر أحمد الحريشي
جريدة طنجة
1– إذا طرحنا عليك سؤال من هو الشاعر فبماذا ستجيبنا؟
الشاعر هو الذي يشعر بما لا يشعر به غيره. وبشكل عام، الشاعر هو هذا الكائن الذي يتفنن في اللغة، الذي يعيش داخل اللغة، هذا الكائن اللغوي الذي بكل قيوده ونزعاته يستطيع أن يركض، أن يطير وأن يجري، أن يكسر لنا الألفة في اللغة، أن يخلق لنا الغرابة، أن يجعلنا دائما هؤلاء الأطفال الذين يشعرون بالدهشة أمام العالم ويعطينا باستمرار مبررا آخر لكي نستيقظ صباحا وإلا فلا شيء يستحق لكي نستيقظ لأجله.
2- ما هي الحالة الشعرية الحالية في المغرب والدول العربية عموما؟
هذا سؤال كبير جدا، لكن يمكنني أن أتحدث عن السمات الكبرى المرتبطة أساسا بكون المشهد الشعري العربي الآن معافا وكله عنفوان وقدرة على مواكبة هذا الحراك الذي يعيشه التاريخ العربي المعاصر بشكل من الأشكال. هناك الكثير ممن يتحدث عن زمن الرواية وعن تقلص دور الشعر وعن ارتداده أمام هذه الصورة التي باتت هي الطاغية على المشهد، لكن ومع ذلك تظل للصورة الشعرية رونقها ويظل حضورها كبيرا جدا خصوصا أمام هذا التنوع المهول في الحساسيات الشعرية والتجارب الابداعية.
3- هل نحن فعلا بحاجة للشعر؟
أجل طبعا! أنت عندما تكتب قصيدة إنسانية تستطيع أن تلامس بها إحساس شخص معين فأنت بالضرورة تمزق محضرا في قسم الشرطة. وحينما تفتح ديوانا معينا لشاعر يصدر ديوانا إنسانيا باذخا في إنسانيته فأنت تقطع بذلك كل سجلات الجريمة داخل المجتمع. نعم نحن بحاجة حقيقة للشعر، نحن نحتاج للشعر تماما كما نحتاج لكي نتنفس، تماما كما نحتاج لﻹنساني الموجود فينا.
4- [b]هل ترى بأن المواطن العربي ذواق للشعر؟]
فيما يتعلق بسؤال هل يشعر الناس بالشعر أم لا فأنا لي تقسيم طريف في هذه المسألة. أنا أقسم الناس بشكل عام من الناحية الإنسانية كما تقتضيه القسمة العقلية إلى أربعة أقسام: هناك شعراء بقصائد وهم شعراء يحسون ولهم قصائد في مستوى شعورهم. أما القسم الثاني، وهم شعراء ولكن بلا قصائد، وهم هؤلاء الأصدقاء الرائعين الذين نلتقيهم، هذه النماذج الإنسانية التي لا تعرف حتى الكتابة ولكنها تعيش الشعر كسلوك يومي، لا تقول الشعر وإنما تفعل الشعر. والقسم الثالث هم قصائد بلا شعراء، كثيرة هي الأسماء التي نلتقيها والتي لها دواوين وحضور رمزي في المشهد الشعري، لكنك حينما تحتك بها تكتشف أنها إنسانيا أقل من النصوص التي تقدمها. والقسم الرابع وهم شعراء لا شعراء ولا قصائد وهم هؤلاء المتشعرين الذين كثروا حتى إذا رميت حصاة من نافذتك وقعت على رأس أحدهم لكثرتهم.