أربعاء أسود بدوار اشراقة
جريدة طنجة ـ عزيز الكنوني
ألحقوا طنجة بمناطق الاحتجاجات والمواجهات والعنف الفاضح، لتكتمل الباهية، في منطقة ذات حساسية كبيرة إن على المستوى الوطني أو الدولي.
وهكذا يبدو أن سلطات طنجة، التي عودتنا التحلي بالرزانة والحكمة في تدبير الأمور، انخرطت، هي الأخري، في مسلسل المواجهات العنيفة مع المواطنين ، لفرض حلول لمشكل قائم منذ سنوات، بعلم وصمت السلطات المحلية، بنفس “الحزم” الذي اتصفت به مواجهات “شمالية” أدت إلى ما أدت إليه من عنف واعتقالات ودموع وحزن …..
هل كنا، حقا، بحاجة، اليوم، إلى مثل هذه “التدخلات” الأمنية العنيفة، بجوار طنجة، التي يستعد “البراق” أن “يطير” منها، في واحدة من منجزات العهد الزاهر ليؤكد نضج التجربة المغربية في بناء مجتمع السلم والاستقرار والحرية؟
أخبار مزعجة حملتها إلينا المنابر الوسائط، حول عملية هدم مساكن بنيت عشوائيا، في منطقة حجر النحل، وكانت تشكل إلى فجر الاستقلال، “خط العبور” إلى طنجة الدولية، من المنطقة السلطانية، حيث شاع البناء “الحر” ولسنوات، في غياب هيكلة قانونية للبناء، قبل ظهور مخططات التهيئة التي لا تعتبر كلها “نماذج” ناجحة، والحجة من مشروع الجماعة الحصرية لطنجة الذي “شمله”، بالعطف، قرار الرفض من أمين عام الحكومة……
الأخبار تحدثت عن إنزال أمني كثيف، بمنطقة اشراقة، من باب “الاحتراز” كمقدمة لعملية الهدم، التي باشرتها جرافات الدولة، يومي الأربعاء والخميس، بإشراف السلطات الجهوية والمحلية والوقاية المدنية والقوات المساعدة التي سيجت “منطقة العمليات” وأفرغت المنازل بالقوة، قبل انطلاق الجرافات الوطنية لهدم منازل مواطنين فقراء كابدوا في الحياة حتى وفروا ما يمكنهم من الحصول على بقعة أرض وبناء مساكن عشوائية ، تقيهم وأولادهم قساوة العيش وغدر الزمان. وتم ذلك بتواطؤ بعض “الوسطاء” “النافذين” كما يدعي بعض المتضررين، وقد مر على هذه “العشوائية” عدة سنوات لم تحرك فيها سلطات القرب ساكنا !
مصدر إعلامي أخبر بأن سيدة لقيت حتفها متأثرة بجروحها البليغة، عقب إقدام سلطات طنجة على هدم منزلها وهي داخله، حيث جرى نقلها إلى مستشفى محمد الخامس بطنجة ، قبل أن تفارق الحياة لحظات بعد وصولها إلى المستشفى . كما أن المستشفى المركزي يكون قد “تسلم” مجموعة من المصابين في أحداث اشراقة. نتمنى أن يكون الخبران إشاعة لا أساس لها من الصحة، وعلى كل حال فالكشف عن الحقيقة في هذه الواقعة لم يعد مستحيلا، والبركة في المواقع .
جرافات الوطن، كانت “تفجر” بيوت أبناء الوطن، وسط ذهول و احتجاجات الجموع المندفعة نحو “مسرح العمليات” والغاضبة من تصرف السلطات التي رفعوا في وجهها شعارات تذكر بما ألفناه في الحسيمة وجرادة وغيرها من بقع التوتر الذي شهده المغرب ، ولو بنسبة أقل حدة وضغطا بطنجة.
لا أحد يوافق على البناء العشوائي، بوجود تصاميم مدنية للتأهيل الحضري وقوانين مسطرية مؤطرة للعقار، ورجال سلطة قادرين على تتبع المخالفات وضبطها وزجرها في وقتها و وفق القوانين الجاري بها العمل. وبوجود “عدالة” مجالية لا تقف عند الفقراء المهدمة أحلامهم وأمانيهم في وطن “غفور رحيم”
لا أحد، ولكن حجة البناء العشوائي ليست تامة الأركان في نازلة اشراقة، فالعشوائية ضاربة أطنابها في البناء، عبر جهات عديدة من تراب طنجة، والمسؤولية تقع أولا وأخيرا على المجالس الجماعية وسلطات “الوصاية”، بسبب إعمال “عين ميكة” على البناء العشوائي حتى يكتمل، ولو استفسرتم أصحاب هذا البناء، لحصل لكم العجب العجاب، ولو أن” بالمغرب، لا تستغرب” !
والسؤال. هل انتهينا من حل “جميع” القضايا المحلية في مجال التنظيم البلدي وأصلحنا “جميع” الاختلالات التي تسائلنا وتسائل سلطاتنا “النشيطة” يوميا، و جعلنا “الإدارة العمومية “في خدمة المواطن” حقيقة لا شعارا للاستهلاك الداخلي والخارجي، حتى “نتفرغ” للبناء العشوائي في “أرياف” طنجة، والحال أن قلب مدينة طنجة يعج بالمشاكل البنيوية والبيئية والأمنية والسلوكية ، حتى أن التجهيزات الأخيرة التي تمت في نطاق طنجة الكبرى من كورنيش وأرصفة وطرقات وأنفاق، بدأت تشهد تصدعات تدعو إلى تدخلات عاجلة، ناهيك عن المدينة العتيقة التي تزداد تدهورا يوما عن يوم، والحال أنها تشكل قلب المدينة والفضاء التاريخي لأهاليها ، ومحور أنشطتها الاقتصادية والسياحية والعمرانية. ألا يدعون أن للمدينة مخططات تنموية تتم معالجتها حسب الأولويات والأسبقيات والأفضليات ؟ !……