“كلنا خديجة” : مبادرات مكافحة التحرش في العالم العربي و جهات مدنية تطالب بالعقوبات الزجرية الرادعة للمغتصبين

جريدة طنجة ـ لمياء السلاوي 

” ضاعت حياتي ” هكذا وصفت “خديجة” ذات الـ 17 عاما حادث اختطافها والإعتداء عليها، “خديجة” ليست الضحية الوحيدة، فهناك المئات من الضحايا الأُخريات في المغرب، كما أعاد حادث الإعتداء عليها مبادرات مكافحة التحرش للواجهة.

ظهرت “خديجة” مُموهة الوجه في شريط فيديو على موقع إلكتروني، وهي تحكي تفاصيل اختطافها والإعتداء عليها، بدت الفتاة متماسكة في بداية الشريط، لتنهار بالبكاء في نهايته قائلة “لقد اعتدوا على شرفي”.

أشعلت بشاعة الحادث غضب الرأي العام في المغرب ودفعت الكثيرين لإطلاق حملة على مواقع التواصل الإجتماعي تحت هاشتاج: #كلنا_خديجة# لدعم الضحية والتوقيع على عريضة لمطالبة السلطات المغربية بتحمل نفقة علاجها.

وفي تصاريح إعلامية، أكد والد الضحية أن عدة جمعيات أعربت عن مساندتها لابنته وقيامها بالتخطيط لإرسال قافلة طبية لإجراء التحاليل اللازمة لها وتشخيص حجم الضرر الذى وقع عليها. كما ذكر أنه في انتظار مقابلة ممثل عن وزارة الصحة المغربية، إذ من المقرر أن يتم تشكيل لجنة طبية تجمع جمعيات المجتمع المدني ووزارة الصحة معا لضمان استمرارية الدعم الصحي والنفسي اللازمين للضحية.

ردود الفعل الداعمة لخديجة والمُنددة بالحادث عبرت الحدود المغربية ووصلت إلى الجارة تونس، فقد أعلن التونسي “فواز زهمول”، المتخصص في رسم الوشوم، عبر حسابه على “فيسبوك”، والذي يتابعه حوالي 12 ألف مستخدم، عن تواصله مع والد خديجة واستعداده تولي مسؤولية إزالة كافة الوشوم المُسيئة التي تركها المغتصبون على جسدها بدون أي مقابل.

وتحدث “فواز زهمول” عن صعوبة عملية إزالة الوشوم من على جسد الشابة المغربية قائلا: “يستلزم الأمر أكثر من رحلة واحدة لها إلى تونس، وهذا يتوقف على حدة وعمق كل وشم على جلد الفتاة، بعد المحاولة الأولى لإزالة الوشوم، يحتاج الجلد لحوالي شهر حتى يهدأ لنتمكن من استكمال العملية”.
الحقوقية “خديجة الرياضي”، أشادت بـ “قدرة منظمات المجتمع المدني في المغرب على التعبئة بشكل سريع وقوي للوقوف بجانب الفتاة فور السماع بالحادث”. وأضافت الرياضي: “لا ينحصر دور المجتمع المدني في مرافقة الضحية والوقوف معها بعد أن تقع الجريمة فقط، بل يمتد ليشمل التعريف بحقوق النساء ومبدأ المساواة بين الجنسين ودور المرأة في المجتمع”.

وقالت الرياضي: “تشير الإحصائيات الأخيرة إلى تضاعف جرائم اختطاف القُصر من 800 حالة عام 2016 إلى 1.600 حالة خلال عام 2017. ويعكس انتشار العنف ضد القاصرين وضد النساء بشكل خاص عجز الدولة عن حماية أطفالها ونسائها وأزمة قيم عميقة بالمجتمع المغربي”.

الإعلام الإجتماعي منصة لفضح التحرش الجنسي

لعبت وسائل التواصل الإجتماعي الدور الأبرز في الكشف عن حادث الفتاة الأخير والتعبئة المجتمعية لمساندة الضحية ووصول الخبر لأسماع العديدين خارج المغرب وقيامهم بعرض المساعدة للفتاة وأسرتها. كما أن الحادث الذي تعرضت له خديجة ليس الأول الذي يصل لأسماع المغاربة عبر وسائل التواصل الإجتماعي.

ففي العام الماضي، أشعل حادث الإعتداء الجنسي على فتاة مغربية في حافلة عمومية لنقل الركاب” غضب مستخدمي وسائل التواصل الإجتماعي في العالم العربي وليس في المغرب وحده.
ولا تقتصر هذه الحوادث على المغرب، إذ انتشر مؤخرا شريط فيديو يظهر فيه شخص مصري يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد طعنه من جانب رجل تحرش بزوجته على شاطئ من شواطئ مدينة الإسكندرية، الحادث الآخر الذي أثار جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الإجتماعي، هو شريط فيديو قامت فتاة مصرية بتصويره لشاب أثناء محاولة التحرش بها في الشارع.

رئيسة جمعية “ما تقيش ولادي”، نجية أديب لطالما دافعت على تشديد العقوبات في هذه الجرائم التي تطال كثيرا من القاصرين، إذ تؤكد على أن الأحكام التي تصدر في هذا الإطار “تشجع على الإغتصاب”.
“للأسف اللحم رخيص عندنا ولا نوليه أي أهمية” تقول أديب، قبل أن تضيف متسائلة “ماذا يعني أن يغتصب شخص ويحتجز ويشوه وفي النهاية يُحكم عليه بسنتين؟ هذا يعني التشجيع!”.
وتتابع المتحدثة مشددة على أنه “لا توجد أحكام ترقى إلى مستوى وحجم فضاعة هذه الجرائم” مشيرة إلى أنها لطالما طالبت بتشديد العقوبات في هذه الجرائم لتصل حتى إلى “الإعدام والإخصاء”.
أديب التي تتابع من خلال جمعيتها ملفات كثير من الأطفال ضحايا الإعتداءات الجنسية، تورد تجارب عدد من الضحايا وعائلاتهم، وتوضح أنهم كثيرا ما وقفوا على صدمة هؤلاء من الأحكام الصادرة في هذه الجرائم والتي “لا ترد حتى الاعتبار لهم”.

وتجزم المتحدثة بقدرة الأحكام المشددة على الحد من الظاهرة “حينها لن يجرؤ أحد على الإتيان بنفس الجريمة”، وتضيف “لو صدرت في حق شخص من مرتكبي هذه الجرائم أحكام مشددة فسيكون عبرة للآخرين ولكن حين نسمع عن أحكام تتراوح بين سنتين وسنة ونصف سجنا فأين هو الردع في هذا؟”.
و في بيان استننكاري أصدرته على إثر الجريمة، أو بالأحرى الجرائم التي تعرضت لها خديجة، سجلت فيدرالية رابطة حقوق النساء ما وصفتها بـ”العودة العنيفة للإعتداءات الجنسية ضد النساء من جديد واتساع ظاهرة العنف”، كما طالبت الدولة بـ”سن قانون يوفر الحماية والوقاية وجبر الضرر وعدم الإفلات من العقاب” إذ أكدت على “قصور” القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء في هذا الإطار.
عضوة الفيدرالية، سميرة موحيا، توضح أنهم في إطار الفيدرالية قاموا بزيارة الضحية خديجة ووقفوا على “خطورة” و”بشاعة” الجريمة التي تعرضت لها والتي “ستتذكرها بتفاصيلها كلما نظرت إلى جسدها” في إشارة إلى الوشوم والحروق التي تعرضت لها.

وتتساءل موحيا بأسف عما سيقدمه القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، في هذه الحالة، قبل أن تردف “القانون قاصر ولا يجيب على شيء”.
وتابعت “إذا لم نتوفر على قانون يشمل الوقاية والحماية وجبر الضرر وعدم الإفلات من العقاب فإن الظاهرة ستستمر وستتسع رقعتها يوما بعد يوم”، تقول موحيا وهي تشير إلى انتشار الظاهرة وتطور درجة بشاعتها بأن صارت الاغتصابات “جماعية” وتُرتكب أحيانا في “فضاءات عامة”.
“كل هذا لأنه لا يوجد رادع لا أخلاقي ولا قانوني” تقول المتحدثة التي تضيف “القوانين لدينا تكرس العنف” كما أن هذه القوانين بشكلها الحالي وفقها “قاصرة وفارغة” بالإضافة إلى كونها”لا تعمل على المدى البعيد” من خلال التفكير في مستقبل الضحية وسبل إدماجها في المجتمع.

“الظاهرة ليست موضوعا جديدا بل قديم” والحركة النسائية لطالما كانت تطالب بقانون شامل يتناول البعد الزجري بالإضافة إلى أبعاد أخرى.

ولكن “اليوم وفي ظل قانون يجرم العنف والإغتصاب ما تزال الظاهرة تتكرر” والحكومة المغربية مطالبة ببذل مجهود للتعريف بالقانون وحيثياته ليتم الردع وفي الوقت نفسه يجب مواكبة هذا القانون بإصلاحات تمس القانون الجنائي.

Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول اقرأ أكثر