شهيدةُ الهجرة فليكتب القدرُ ما يشاء !
جريدة طنجة ـ عزيز الكنوني
“لقد جف بحر التمني فليكتب القدر ما يشاء”.
لعلها آخر ما دونت شهيدة الكرامة، قبل أن تحصدها قذيفة من سلاح وطني ، أطلقتها البحرية الملكية صوب قارب “فانتوم” اسباني كان يقل مغاربة فضلوا “المغامرة بحياتهم” على حياة البطالة و الفقر والتهميش والحكرة، التي يعيشونها في بلدهم، رغم الخطابات الرسمية “المتفائلة”، والوعود الرنانة التي تصدر عن جهات تتغنى صباح مساء ب “النموذح المغربي” الذي يعتمد على الاستقرار السياسي كمدخل للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وللتنمية الاقتصادية.
كلمات الراحلة حياة تنم عن يأسها من الغد الآمن ببلادها، وفقدانها للأمل في تحسين وضعيتها الاجتماعية، عبر الدرس والتحصيل، والفوز، بعد ذلك، بعمل مشرف ، ينقذها وأسرتها من الفقر المقذع الذي هو كل قدرها في بلد يعتصر ميسوروه والنافذون فيه كل موارده، ويتحايلون على معظم قوانينه ليضمنوا الهيمنة الدائمة على مصادر الثروة فيه، لتخلص إلى أنه لا ملاذ من مواجهة المجهول، ومعانقة القدر، بخيره وشره، والقبول بـ “قضائه” بعد أن ملك اليأس عليها قلبها وكيانها وكل أحاسيسها الإنسانية، لترتمي في أحضان “الغيب” الذي سريعا ما “غيبها” عن دنيا “الأشرار” لتلقى ربها بشعور المجتهد الذي له أجر اجتهاده من أجل تغيير وضعيته التي تحالف الظلم والفقر والتعسف المادي والمعنوي على جعلها وضعية “كارثية” لأواء.
“بأي ذنب قتلت “؟ تساءل العديدون من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، وهم ينددون بمقتل الشابة الطالبة التطوانية التي أصابتها نيران البحرية الملكية وهي تحاول الهجرة السرية والمغامرة بحياتها من أجل تحقيق حلمها في العيش الكريم، خارج بلدها الذي لم يوفها نصيبها من خيراته ولم يفتح أمامها وأمام الآلاف من الشباب المغربي سبل الترقي الاجتماعي الذي يطمحون إليه.
حياة، كانت تنشد الحياة، فاصطادها الموت على يد البحرية الملكية، في عملية قيل فيها وعنها الكثير، بين معتبر أن البحرية الملكية استعملت حقها في مطاردة قارب داخل المياه الوطنية، وبين مستنكر، لعلم العسكر الملكي بأن القارب “النفاث” الإسباني كان ينقل شبانا مغاربة إلى الضفة المقابلة، في عملية هجرة سرية، لم تعد كذلك، بعد تكرارها والإعلان عنها على المواقع، والإقبال الكبير عليها من طرف الشباب من مختلف جهات المغرب، وبوجوه مكشوفة، بل وبترديد شعارات تندد بالوضع الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب القائم على مجموعة من “الإختلالات” التي سبق وأن أدينت على أعلى مستوى في هرم النظام المغربي.
جهات ‘سياسية وإعلامية، وطنية وأجنبية استغربت لإطلاق النار على قارب يعلم الجميع أنه يسخر للهجرة السرية المغربية ، يحتمل أن يكون على متنه “مهاجرون مغاربة” وهو ما صار فعلا بعد أن أصابت “النيران المواطنة” الطالبة حياة (22 سنة) وثلاثة شبان مغاربة واحد منهم في حالة صعبة، بينما لم يصب قائد الزورق بأذى ليتم اعتقاله، ولربما كان هذا هو السبب في “ادخاره” …..
موت حياة، موت للحياة بالنسبة لآمال جيل كامل في الهروب من الفقر والبؤس بعد أن فقد الأمل في “فرج” يأتي أو لا يأتي …..
وفي جو من الحزن االكبير، ودعت مدينة تطوان، عصر الأربعاء الماضي ، الطالبة حياة بلقاسم وسط حالة من الصدمة من هول المصيبة، حيث شيع جثمان الراحلة في جنازة مهيبة حضرها عائلة وأقرباء وجيران الشهيدة، كما أصر على مرافقة جثمان الشهيدة الراحلة، إلى مثواها الأخير، العديد من الفاعلين بالمنظمات الأهلية ومن عامة المواطنين، الذين أصروا بدورهم على المشاركة في هذا المأتم الكبير دون الالتفات إلى الطوق الأمني الذي أحيط بالجنازة ، تحسبا….
وعلم أن والدة الشهيدة أصيبت بانهيار تام وبنوبة قلبية حادة أدخلتها في غيبوبة استلزمت نقلها إلى المستشفى الإقليمي بتطوان، حيث لاحظت بعض وسائل الإعلام الحاضرة، أن والدة الشهيدة عوملت بلامبالاة من طرف بعض أطباء المستشفى، الأمر الذي يستوجب فتح تحقيق في الموضوع.