عودة إلى « كمامات » بوبوح.. أسئلة في حاجة إلى إجابات (الحلقة الأخيرة)
بهاته الحلقة نختم تحقيقنا الذي خصصناه لكشف جميع ملابسات القضية التي أسالت ولازالت تسيل الكثير من المداد، كما لن تكشف بعد كل أسرارها، وهي القضية التي باتت تعرف ب »كمامات بوبوح.
في الحلقة الماضية كنا قد وقفنا عند صفقة اقتناء 2 مليون كمامة، التي أعلنت عنها وزارة الداخلية، ورست بقدرة قادر على سي بوبوح دونا عن باقي المهنيين!
وبخصوص هاته الصفقة بالذات، ودرءا لأي شبهة قد تثار حول سي بوبوح بشأن استغلال محتمل لمعلومات توفرت له باعتبار موقعه كرئيس لجمعية « AMITH » ، وتوظيفها لتحقيق أرباح شخصية، فإن الواجب والتقيد بقيم الشفافية يفرضان عليه أن يتحلى بالشجاعة، ويكشف للرأي العام كيف تمكن من الفوز بهاته الصفقة، والأهم ان يشرح لجميع المهنيين كيف تمكن من تعبئة إمكانياته اللوجستيكية والبشرية لتصنيع هاته الكمية الضخمة من الكمامات في وقت قياسي؟!..
علما أنه باستشارتنا لمهندسين وتقنيين في صناعة النسيج، أكدوا لنا انه يستحيل إنتاج 2 مليون كمامة من طرف الأربع مصانع التي يملكها سي بوبوح، (اللهم لا حسد، اللهم زده من نعيمك يارب)، أخذا بعين الاعتبار التدابير الوقائية الواجب اتباعها في ظرفية الطوارئ الصحية، تجعل من المستحيل على أي مصنع أن يشتغل في أحسن الأحوال بأكثر من 30 في المائة من طاقته الإنتاجية، هذا إذا افترضنا أن جميع العاملات والعمال ظلوا بمدينة طنجة، دون الحديث عن توفير وسائل النقل الضرورية.
وحسب مصادرنا دائما، فإن سي بوبوح يعرف ويتقن جيدا أن تصنيع هاته الكمية الضخمة من الكمامات يتطلب وضع مخطط مضبوط من الناحية التقنية واللوجستيكية، وهذا يعني أن الفائز بالصفقة يفترض فيه أن يكون على علم بجميع تفاصيل الكميات المراد تصنيعها، وعلى أتم الاستعداد والجاهزية.
وحتى وإن توفرت له هاته الشروط، فإن مصادرنا تؤكد أن إنتاج هاته الكمية في تلك الفترة المحدودة يفترض أن يتم تصنيعها من طرف 15 مصنعا على الأقل، ولهذا فإن توضيحات سي بوبوح بخصوص هاته النقطة تبقى في غاية الاهمية، خاصة وان ما يعزز من مصداقية تصريحات مصادرنا، ان العدد الذي تمكن سي بوبوح من تصنيعه يفوق بكثير 2 مليون كمامة، أخذا بعين الاعتبار الكميات التي وفرها لسلسلة مشهورة من المتاجر الكبرى بالمغرب، ضمن صفقة اخرى لازالت محاطة بالكثير من الغموض، وتحتاج لتوضيحات كذلك من سي بوبوح ناهيك عن الكميات التي ضبطتها اللجنة التي زارت مصنع سي بوبوح اثر إصابته بكورونا !!..
المثير في الموضوع، انه في الوقت الذي كان السيد رئيس جمعية « AMITH » يوقع الصفقات لفائدة شركاته، ويكتسح الأسواق، كان المهنيون تائهين، بسبب غياب المعلومة عنهم، بل منهم من استعصى عليه أمر الحصول على شهادة المطابقة من المختبر الوحيد المعتمد من طرف وزارة الصناعة، بالدار البيضاء، في وقت كانت شركاته كلها قد حصلت على الاعتماد في وقت قياسي. !!
نفطة أخرى أثارت انتباه المهنيين بمدينة طنجة، ذاك انه ومباشرة بعد الإعلان عن السماح لشركات النسيج والألبسة بتصنيع الكمامات، وبداية الإعلان عن الصفقات الأولى من طرف بعض القطاعات الحكومية، والاستعداد للتصدير، عادت الحركة فجأة وبشكل مكثف للكراجات والمستودعات السرية، المعروف عنها إنها تشتغل بالمناواة او ب « القطعة »، حيث يتعرض العاملات والعمال لأبشع استغلال، في غياب أبسط الشروط الصحية والحقوق الاجتماعية، حتى ان بعض المهنيين وجدوا صعوبة في استرجاع عاملاتهم بعد أسابيع من إغلاق مصانعهم!..
هذا المغطى اعتبرته مصادر الجريدة نقطة في غاية الخطورة، تستوجب من السلطات المعنية فتح تحقيق بشأنها، كما كان من الأجدر على السيد بوبوح باعتباره رئيسا لجمعية تمثل مهنيي القطاع أن يطالب بهذا التحقيق حماية لمصالح المهنيين الذين يشتغلون في الوضوح، ويؤدون التزاماتهم الضريبية والاجتماعية، وحينها على كل من يعنيه الأمر أن يستنتج ما يراه مناسبا!! ..
نأتي إلى استقالة معظم أعضاء مكتب جمعية « AMITH » الشمال، والتي هزت قطاع صناعة النسيج والألبسة بطنجة، بالنظر لما تضمنته رسالة الاستقالة من اتهامات خطيرة، كان يفترض من بوبوح لو كان فعلا مقتنعا بأنه رئيسا لمهنيي القطاع على المستوى الوطني، أن يبادر إلى فتح تحقيق بشأنها، لكنه لم يفعل ولن يجرؤ على فعل ذك.
فأن يكشف المستقيلون عن تحول عملية صنع الكمامات من عملية خيرية وتضامنية إلى عملية تجارية محضة دون علم أعضاء المكتب وباقي المنخرطين في الجمعية بجهة طنجة تطوان الحسيمة، فهذا معناه أن هناك أطراف استفادت من صفقات بطريقة مباشرة ولم يتح لباقي المهنيين المشاركة فيها، وإذا كنا نعرف أن بوبوح هو أحد المعنيين باعتبار صفقة 2 مليون كمامة، فإن جمال الدين الميموني، رئيس فرع AMITH الشمال، الغير مأسوف على استقالته يبقى مطالبا هو الآخر بالتحلي بالشفافية والجرأة وأن يبادر إل الكشف عن ما إذا فاز هو الآخر بصفقة ما، مستغلا موقعه والمعلومات التي كان يتوصل بها في سي بوبوح !!..
قضية أخرى لا بد من إثارتها، ويتعلق الأمر بتصريح الوزير حفيظ العلمي عن المهنيين الوطنيين، الذين انخرطوا في عملية تصنيع الكمامات، حيث يجب على سي بوبوح أن يعلن للرأي العام عن قائمة المهنيين الذين تم الاتصال بهم ورفضوا الانخراط في هاته المبادرة، خاصة وأن مصادر الجريدة تؤكد أن المعلومة ظلت حبيسة دائرة ضيقة لأهداف بدأت تنكشف يوما بعد يوم، والدافع وراء مطالبة بوبوح بالكشف عن اللائحة هو معرفة من هم الوطنيون الحقيقيون: هل الذين وظفوا المعلومة لتحقق مصالح شخصية أم الذين لم يتم إخبارهم بتفاصيل ما كان يتم التحضير له؟.
خلاصة القول، ان ملف كمامات بوبوح لن يسدل عليه الستار إلا بعد أن تنكشف جميع تفاصيله، وإذا كان المهنيون وضعوا في عين الاعتبار الوضعية الحساسة التي تجتازها بلادنا، وفضلوا عدم « فركعة الرمانة »، فهذا لا يعني أن وقت المحاسبة لن يأت أوانها، فهي قادمة لا ريب فيها.