فضيحة مافيا مجموعة الخير بطنجة…”الطماع ما يقضي عليه غير الكذاب”
رغم كل التحذيرات بمختلف أنواعها، لا زالت مجموعات التسويق الهرمي تواصل خداع الآلاف من الضحايا، متخذة في كل مرة أسماء جديدة وطرقا متنوعة، مصدّقة بذلك المثل المغربي “الطماع ما يقضي عليه غير الكذاب”.
ولعل آخر فضائح عمليات النصب هذه، ما حدث أخيرا بمدينة طنجة، وحمل اسم “مجموعة الخير”، والتي اعتمدت نفس نهج سابقيها: الربح المضاعف الوفير بدون بذل أي مجهود، حيث وصل عدد الضحايا إلى المئات، بينما المبالغ المتحصلة قاربت 17 مليار سنتيم.
بداية الحكاية
تتشابه قصص مجموعات التسويق الهرمي في الوعود وبيع الوهم، وتختلف في التفاصيل.
وفي هذه المرة، كان الأمر عبارة عن مجموعات واتساب، حيث دعت مديرات المجموعة التي سمت نفسها “مجموعة الخير” الضحايا لجلب ضحايا آخرين، مع وعود بأرباح خيالية، يتم تسليم جزء منها في البداية فعلا.
العملية دائما هيَ هيَ: الربح يأتي من خلال التغرير بآخرين، وكلما ازداد عدد المغرر بهم، ازدادت رغبتهم في جلب آخرين وأخريات، كي يتم تعويض الخسائر، وهو ما يجعل الضحية متورطة أيضا من حيث لا تدري.
وصل عدد الموقوفين في هذه القضية لحد الآن11، بينهم 9 نساء، كن يشرفن على هذه المجموعات ويعدن الضحايا بالأرباح، قبل أن يقمن بإغلاق هواتفهن في وقت متزامن تقريبا، لتبدأ مرحلة تقديم الشكاوى من الضحايا اللائي اكتشفن أنهن تعرضن لأكبر عملية نصب.
مبالغ هائلة
وفق تصريحات للضحايا، ففكرة المجموعة هي أن تدفع مبلغا ثم تسترجعه أضعافا مضاعفة، ولأن العملية تنجح في البداية، يشرع المغرر بهم في دفع مبالغ خيالية فعلا، بعد أن يتم إقناعهم أن الأمر شبيه بعملية “دارت” التي تعودت عليها الأسر المغربية.
تقول إحدى الضحايا إن هناك من دفع 5 و10 ملايين، بل وصل الأمر إلى 30 و50 و 100 مليون سنتيم، ومنهم من قام ببيع مواشيه أو حتى أملاكه.
وتكشف الضحايا، وأغلبهن من النساء لحد الآن، أنهن كن يزرنها، هي وزوجها، في البيت ويحملن الأموال إليها بأنفسهن.
ولكسب ثقتهن أكثر، تحكي ضحية أن المتورطة الرئيسية كانت تكشف لهم عن أكوام من الأموال في بيتها.
تقدم الضحايا بشكايات متفرقة وجماعية لوكيل الملك، بعد أن اتضح أخيرا أن الأمر فعلا يتعلق بأكبر عملية نصب واحتيال.
انتحار..؟
وفق مصادر إعلامية محلية، فإن إحدى مسيرات هذه المجموعة قامت بوضع حد لحياتها من خلال شرب الماء القاطع، بعد أن تعرضت لضغط شديد من طرف الضحايا.
وكانت المعنية تعمل نادلة بأحد مقاهي طنجة، قبل أن تفر نحو العرائش، فرارا من هذه الضغوط، وهناك قامت بوضع حد لحياتها، وفق نفس المصادر دائما.
وقد تم نقلها في حالة حرجة إلى أحد المستشفيات المحلية بالعرائش، لكن دون أن تتمكن المصالح الطبية من إنقاذها، لتنتهي حياة واحدة من بطلات/ ضحايا هذه المأساة المجتمعية بأبشع طريقة.
ولعل أخطر ما في هذا النوع من النصب أن الضحية يتحول إلى نصاب دون أن يشعر، وبعد أن تصل الأمور إلى مداها، يبدأ آخر الضحايا في المطالبة بأموالهم لتبدأ أحجار الدومينو في التساقط الواحدة تلو الأخرى، وليصل أذاها الجميع: نصابون ومتورطون وضحايا.