رحم الله زمن الكلمة واللحن والصوت…
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( الزمن الجميل الكلمة واللّحن الهادف .. )
أرأيتم مُغنيــًا يعتمد على أطرافه وردفيه بدل اعتماده على صوته؟…
ـ هذه السَخـافـة المبثـوثة كـالسُّم في أجهــزة تقتحم بيــوت المواطنين اقتحاما فتفسد الأخلاق، وتلوث الأذواق…
وآخرون بخصلات شعر غريبة، وبتسريحة أغرف. مثل ذلك المغني الذي وصف بالعالمية والذي أنبت شجرة من يقطين في رأسه. صالحة أن تكون عش غراب بدل أن تكون رأس مطرب… وهكذا تأتيك الأخبار والصور بما لم تزود… والمصيبة حين تأتي مجتمعه أي دفعة واحدة… وهكذا فحين ابتلينا بالخزي ابلتينا به دفعة واحدة، وحين انهارت أخلاقنا انهارت مجتمعة ولم ننرك للقوم باقية لدرجة زحفت معها على الكلمة الطيبة الملتزمة، واللحن الجميل الممتع، والصوت الشجي فابتلعتها وعوضتها بالرداءة، واللحن السريع الخاطف، ثم أكملتها بالصوت النافر، الزاعق، الذي لا شدو فيه ولا شجو ولا طرب… وألف عذر لبقية الأفذاذ الذين هجروا الساحة، وتواروا إلى الظل، فلا محل لهم بين الببغاوات والغربان والنباح… ورحم الله عبدا عرف قدره فلزم حده…
وأعرف أسرا قاطعت برامج التلفزة الوطنية ووجدت البديل في تلفزات الآخرين… وأسرا يدها وأصبعها على زر التغيير أو الإغلاق. فكلما ظهرت صورة مائعة تحركت الأصبع على الأزرار. فالجهاز يقتحم بيوت الناس. وهؤلاء يخشون وهم مع أبنائهم صورة منفلتة من هنا أو هناك… أو رقصة ماجنة لعواجز الشيخات أو لابسي المرقعات… ومع كل هذا يظل هذا الجهاز بمنأى عن المراقبة والمحاسبة… وأذكر أن الأستاذ الراحل محمد العربي المساري رحمه الله. وهو زيرا لاتصال أراد إصلاح ما يمكن إصلاحه وإعادة هيكلة التلفزيون ولكن لوبيات الفساد كانت أقوى من إرادة الإصلاح والتشبث بما هو كائن أفضل مما يراد به أن يكون فكان الفساد لا زال معششا في إدارات وكواليس القنوات فكان هذا الهمراء… وهذه السخافة المبثوثة كالسم في أجهزة تقتحم بيوت المواطنين اقتحاما فتفسد الأخلاق وتلوث الأذواق، وتبث الميوعة في كل آن وزمان…
لذلك نتحسر على أيام عبد الهادي بلخياط، وعبد الوهاب الدكالي حفظهما الله.
والطاهر وإبراهيم العلمي، وإسماعيل أحمد، وعبد الواحد التطواني وعبد الصادق شقارة، والتولالي وغيرهم من فطاحل الأغنية العاطفية والوطنية، والملحون الأصيل. والفرق والمجموعة الغنائية التي أطربت ولا زالت أغنية “الشمعة” يتردد صداها مع الأيام.
رحم الله زمن الكلمة واللّحن والصوت…
ولا عـاشَ زَمَــن الضحـالة والسخـافـة والمـيـوعــة…
زمن المخنثين… والمرقعين… والحثالة… ..