لنعيد الثقة في الحياة السياسية للشعب…

جريدة طنجة – إعداد : مصطفى بديع السوسي ( “الحياة السياسية” ) 

ـ ما ينقص الجماعة هي العقول المفكرة
ـ يتوهمون أن قوتهم وهيبتهم لا تتم إلا بمظاهر الأبهة التي تحيط بهم. 

تسكن ذواتنا نـزعــة عدوانية تدفعنا إلى الانقضاض على الغير بمجرد أن يتفرس فينا. وكأننا نريد أن نحيا وحدنا في هذا الكون…

فسائقو السيارات يطلقون العنان لمنبهاتهم وكأنهم يريدون من الآخرين أن يخلو طريقهم وبمجرد أن يقتعد أحدهم المقعد، ويأخذ عجلة القيادة بيديه حتى تسيطر عليه عقدة العظمة ويطلقها عبر بوق السيارة دون الاهتمام بالآخرين، أما حافلات النقل الحضري (ألزا) فحدث ولا حرج مع ما تسببه أبواقها من إزعاج وإحساس بالخطر. و هؤلاء المجانين يطلقون العنان لهذه الأبواق بسبب أو بدونه، وهي ظواهر لا تمت للمجتمع المتحضر بصلة ، أسوق لكم بعض الأمثلة لنماذج هو تعامل بعضنا و سلوكاتهم، ففي الحاجز الأمني لطريق اكزناية (السد القضائي) هناك شرطي أسمر يقف في عصبية واضحة، عبوسا قمطريرا أفشى عليه صديق السلام فلم يرد مع أن قول الله تعالى واضح في الباب “إذا حييتم بتحية فردوا بأحسن منها أو ردوها”. فلم نسمع لا الأحسن ولا الرد المجرد، سأله الصديق مرة أخرى عن شرطي آخر فلم يجب سوى بتحريك رأسه بتقزز وكبرياء.

غادرناه ونحن نأسف لهذه العينة من رجال الأمن ولوجودها في هذه الأماكن الحساسة. وكان حري بمثل هذا الشخص أن يكون في مكان لا يرى أحدا ولا يراه أحدا ومناسبة هذا الكلام فرغم ما جناه سائقو سيارات النقل السري والمزدوج من حوادث وآفات، وما خلفوا من ضحايا ومآسي فلا زالت هذه السيارات تعربد في شوارعنا بكل حرية في غياب تام لأي مراقبة أو زجر أو ردع، انظروا شارع مولاي عبد الحفيظ جوار مسجد طارق بن زياد بمنطقة السواني 2 خصوصا يومي الخميس والأحد، مع أنها موجودة طوال أيام الأسبوع.

فهل ينتظر المسؤولون حدوث كوارث أخرى حتى يتدخلوا؟
ولوقت غير بعيد كان السائقون يبتعدون كلما رأوا شرطي مرور، ومع حالة التراخي والتغاضي لم يعد هؤلاء يهتمون بوجود الشرطي ولا حتى بسيارة الشرطة، ويتصرفون بشكل عادي وكأنهم يؤدون طقسا من طقوس عملهم بطمأنينة وسلام، لذلك يقول الكثيرون أن المخزن هو سبب الفوضى، أما الجماعة/ جماعة طنجة التي تشكو الخصاص والإفلاس، وتلاحقها دعاوى الحجز لفائدة الغير، فإن لها أكثر من مصدر ومورد للمداخيل التي بإمكانها إنعاش الميزانية المشرفة على الإفلاس، ما ينقص الجماعة فقط هي العقول المفكرة، والساعية لخير الجماعة والمدينة، وليس لمن يقتعد كرسيه في مكتب إدارة الجماعة، ويضع رجله فوق المكتب في حركة تخلو من الذوق والأخلاق، هناك مثلا السيارات التي تقف في الاتجاهات والأرصفة الممنوعة، وفوق الطوار ومماشي الراجلين، هذه السيارات لو كانت (الديباناج) تجب شوارع المدينة لاقتناصها لجرت الآلاف ولعجز المحجز البلدي عن استيعابها هذه وحدها توفر مداخيل هامة لا يستهان بها، فكل سيارة لمغادرة المحجز عليها دفع الغرامة، وهذه الغرامات تستفيد منها الجماعة.

فإذا حسبناها باليوم نجد مدخولا وفيرا قد يتحول إلى اعتمادات مرصودة بالميزانية في حالة الشهر والسنة. كثيرة هي أبواب ومنافذ ومصادر الدخل ولكن لا حياة لمن تنادي، الجماعة تتصرف بمنطق الدولة أو الحكومة وهي جزء من حزبها الحاكم، فكلما تعلق الأمر بتغطية نفقات أو إقامة مشروع اتجهت النية والإرادة إلى جيوب المواطنين، حرفيين ومهنيين، وتجار، فولدت نتيجة ذلك ضرائب وغرامات ما أتى الله بها من سلطان، أثقلت كاهل المواطن المثقل أصلا بأعباء تكاليف العيش المرتفعة وكأن هذه الجماعة ليست من هذه الطينة، ولا من هذه التربة، ولا من هذا المجتمع الهش.

ويكفي الجماعة لتتوارى خجلا هذه السيارات الفاخرة التي اقتنتها من المال العام مع وجود سيارات كافية وصالحة للخدمة، ولكنها عقدة النقص التي تركب الرؤساء والمسؤولين عندما يتولون المسؤولية ويتوهمون أن قوتهم وهيبتهم وعلو كعبهم ومقامهم لا يتم إلا بمظاهر الأبهة التي يجب أن تحيط بهم، وتغمرهم فيصبح وزنهم ذهبا، وشخصياتهم الدون كيشوتية تعلو ولا يعلى عليها، فهم التشريع وهم التنفيذ وهم فوق القانون.

لذا عندما يتدخل القضاء للمحاسبة وعندما يتدخل المجلس الأعلى للمحاسبات وعن طريق مجالسهم الجهوية للتتبع والمراقبة يستيقظون من سبات عميق طوح بهم بعيدا في عالم المخمليات والنجومية، والأنخاب وقل ما شئت، نحن نحتاج إلى رجال ذوي ضمائر حية لا إلى إمعات ودمى وكراكيز.

نحتاج إلى تفعيل كل مساطر المتابعة ومراقبة صرف المال العام ثم المحاسبة بجدية وتجرد لنعيد الثقة في الحياة السياسية للناس للشعب.

Loading...

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول اقرأ أكثر