شططٌ في استعمال السلطة
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( )
يبدو أنَّ بعض رجال السلطة لا زالوا يعيشون على عهد “بوحمارة” ويدبرون علاقاتهم مع المواطنين على طريقة ” أيام زمان”، حيث كانت “الفلقة” و””البنيقة”،، نصيب كل من أغضب “سيد القايد”، أو أساء التصرف في “حضرته”.
ومن يتتبع ما تتداوله الصحافة في هذا الباب من “نماذج” لبعض رجال السلطة، ممن يصرون، في تعاملهم المشين مع مواطنيهم ، سواء في المدن أو البادية، على استعراض عضلات السلطة، في بداية الألفية الثالثة وانتشار ثقافة حقوق الانسان، يزداد يقينا بأن إدراج مادة حقوق الانسان في برامج تكوين رجال السلطة بالمغرب أو إصدار الدوريات الإدارية للدعوة إلى احترام حقوق الانسان، إجراءات “إدارية” محضة، لم تثن بعضهم عن ممارسات من عهود الإقطاع، والتسيب، والحكم المطلق، والتصرف “المزاجي” في رقاب عباد الله، في تحد عنيد للقانون ولشرع الله ! …..
أردت بهذه المقدمة التي أعتذر عن طولها، التمهيد لخبر تداولته الصحافة الوطنية ومواقع التواصل الاجتماعي مفاده أن تلميذا في السنة الثانية بكالوريا بثانوية الحنصالي بطنجة، قد يكون تعرض للضرب المبرح وللاحتجاز داخل سيارة القوات المساعدة، من طرف رجل سلطة بإحدى مقاطعات هذه المدينة ، الأمر الذي تسبب للتلميذ في انهيار عصبي حاد، لزم الفراش بسببه لأسبوعين .
والقصة كما روتها أم الضحية في “فيديو” تم تداوله على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي أن التلميذ المذكور، وبغاية توفير مصروف يستعين به على تكاليف الدراسة ويساعد ببعضه أسرته الفقيرة، كان يزاول، يومي السبت والأحد، من كل أسبوع، بعض النشاط التجاري البسيط، بمقاطعة إدارية تعتبر مركزا تجاريا مفتوحا على الهواء، استعصى أمرها، ومنذ عقود، على السلطة المحلية والاقليمية، حين فاجأته دورية محمولة لقائد الملحقة الذي ترجل من سيارته الرسمية وتدخل بعنف ضد الباعة على الرصيف. وكان للتلميذ صاحب هذه القصة المؤلمة، نصيبه من التعنيف، ونظرا لوعي هذا التلميذ بحقه في معاملة إنسانية، حيث إنه لا تفصله عن امتحانات البكلوريا سوى بضعة شهور، فقد احتج على استعمال الشطط في حقه من طرف القائد الذي يكون قد أمر أعوانه باحتجازه داخل سيارة القوات المساعدة حيث تعرض للضرب المبرح ، حسب وثائق طبية توجد في حوزة أسرة التلميذ الذي يكون قد ظل محتجزا داخل السيارة “العسكرية” لمدة ثلاث ساعات قضاها في حالة من الخوف والرعب وترقب الأسوأ، قبل أن “يتكرموا” بالإفراج عنه وهو في حالة حرجة، حيث إنه انهار وسقط أرضا فاقدا للوعي والحركة ما أثار انتباه المواطنين الذين تحلقوا حوله قبل أن يستنجدوا بسيارة إسعاف.
وبمجرد شيوع خبر الاعتداء على ابراهيم، خرج مئات من تلاميذ وأساتدة ثانوية الحنصالي الخميس الماضي في وقفة احتجاجية في محيط الثانوية، للتنديد بحادثة الاعتداء التي تعرض لها زميلهم على يد القوات المساعدة وللمطالبة بمعاقبة الجناة .
وكان الضحية ابراهيم في مقدمة المتظاهرين، على كرسي متحرك، يحيط به والداه المكلومان اللذان لا يصدقان بعد أن يتحول ابنهم المعروف بشغفه وممارسته للعديد من أنواع الرياضات, إلى صاحب عاهة تضطره للتنقل على كرسي متحرك،وتعيق ملكةالنطق السليم لديه، وهو الذي كان شعلة من النشاط الرياضي والثقافي حيث إنه كان يتولى التنشيط الثقافي في عدد من الجمعيات الأهلية بالمدينة.
إلى جانب ذلك، حجت جماهير غفيرة من سكان الحي “المكلوم” ، ومن تلاميذ وتلميذات وأساتذة الثانوية “المصابة” إلى بيت الصحافة بالزينات، في محالة لإشراك الرأي العام في التنديد بالمحنة التي أصابت أسرة مغربية، جراء تدخل تعسفي لرجل سلطة يكون قد أفرط في استعمال السلطة المؤتمن عليها ليتسبب للغير في أضرار مادية ومعنوية بليغة وفي عاهة ربما تكون مستديمة.
وقد علما أن النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بطنجة تفاعلت إيجابا مع شكاية أسرة ابراهيم، وأمرت بفتح تحقيق في الموضوع، نحن واثقون من أنه سوف يؤدي إلى الكشف عن الحقيقة كاملة، بخصوص الاعتداء “الإداري” الذي تعرض له شاب في مقتبل العمر تعقد عليه أسرته آمالا عريضة في إنقاذها من الفقر الذي تعيشه، فإذا به يتحول، بفعل إجرامي، إلى شاب معاق نتمنى أن ينصف في ما تعرض له من اعتداء، وأن ينال الفاعلون العقاب الذي يستحقونه، وأن يساهم الجميع إدارة ومجتمعا، في توفير ظروف علاجه وشفائه مما ألم به من ظلم على يد من كلفوا بحماية الشعب من الظلم وحماية إنسية المغاربة وكرامتهم….